12 سبتمبر 2025
تسجيل* اجتمع عبدالملك بن إدريس الحريري مع المنصور أبي عامر في ليلة كان القمر يبدو فيها تارة ويختفي بالسحاب تارة أخرى، فقال عبدالملك:أَرَى بدرَ السَّماءِ يَلُوحُ حيناًويَبدو ثم يَلْتَحف السَّحاباوذاكَ لأَنَّهُ لما تَبَدَّىوأَبْصَرَ وَجْهَكَ استحيا وغابا* وهذا شبيه بقصة رويت عن أبي الحسن النوبختي، حيث كان مع جماعة من أهله على سطح بيت ابن سهل النوبختي في ليلة من الليالي ومعهم إبراهيم بن زرزور المغني، وكان في السماء غيم ينجاب مرة ويتصل أخرى فيظهر القمر ويختفي من خلاله، فقال أبو الحسن النوبختي:لم يَطْلَعِ البدرُ إلاَّ من تَشَوُّقِهِإليكَ حتى يوافي وَجْهَكَ النَّضرا* ثم لما غاب القمر تحت ستار الغيم قال أبو الحسن النوبختي:ولا تَغَيَّبَ إلاَّ عند خَجْلَتِهِلما رآكَ فَوَلَّى عنكَ واستتراومثل ذلك قول الأديب مفلح:كأَنَّما البَدرُ حينَ يَبدُولنا ويَستَحْجِب السَّحابافَريدةٌ من بني هِلالٍلاثَتْ على وَجْهِها نِقابا* وقال في هذا المعنى الأكرم بن هبيرة:وكأَنَّ هذا البَدرَ حين تُظِلُّهُسُحُبٌ فَيَخْفَى تارَةً ويَؤُوبُحَسناءُ تبدو من خلالِ سُجوفهاطَوراً وَنَفْطُرُ نَحوها فَتَغيبُ* ويقول ابن عون الدين:إذا تَطَلَّعَ هذا البَدْرُ من فُرَجٍمن السَّحابِ وغَارَتْ حَوْلَهُ الشُّهُبُتَخالهُ في رَقيقٍ من ملاءَتِهِفَرقاء تُسْفِرُ أَحياناً وَتَنْتَقِبُ* ومن ذلك قول المعري:وما كَلَفُ البدرِ المُنيرِ مَذَمَّةٌولكنَّه في وجهِهِ أَثَرُ الدَّمِ* وهذا الشاعر علي بن جبلة حيث يقول:بأبي من زَارَني مكتتماًخائفاً من كلِّ شيءٍ جَزَعازائرٌ نَمَّ عليهِ حُسنُهُكيفَ يُخفي الليلُ بدراً طَلَعا؟* أما مسلم بن الوليد فيقول:فَبِتُّ أُسِرَّ البَدْرَ طوراً حديثهاوطَوراً أُناجي البَدْرَ أَحسبُها البَدراإلى أَنْ رَأَيْتُ الليلَ منكشف الدُّجىيُوَدِّعُ في ظلمائِهِ الأَنْجُمَ الزُّهراوسلامتكم...