14 سبتمبر 2025
تسجيلالنزاع داخل المؤسسات والمنظمات ومراكز العمل أمر وارد ولا بمقدورنا أن نفر منه أو نوقفه أو نتجاهله من حياتنا المؤسسية، وهذا النزاع أو التنازع نتيجة طبيعية بحكم التعامل والتواصل سواء داخل المؤسسة بين موظفيها مع بعضهم البعض، أو مع من يتعامل معها من المراجعين. ولكن أن يتحول هذا النزاع إلى تنازع خفي كل يطعن في الآخر ويكيد الآخر إلى الآخر ويحفر بعضنا إلى بعض، ويدفن هذا التنازع إلى حين ويظهره إذا حانت وأتت الفرصة، وإذا وصل فلان إلى منصب ما أطاح بفلان ما من منصبه لأنه أعلى منه ولديه صلاحيات عالية يعمل بها بمجرد قرار وبتوقيع ساري العمل به. إن التنازع الخفي أخطر وأشد وأشنع من التنازع الواضح العلني، لأن العلني من الممكن معالجته وتداركه والتخفيف من حدته وكذلك المساهمة في الإصلاح وإزالته وتعديل السلوك، أما الخفي فيؤثر على العلاقات ويعطل العمل ويعرقل ويؤخر مصالح المؤسسة وشؤون مراجعيها، ويعيش الجميع في أزمة وقلق وتربص، ويستنزف قدراً كبيراً من القدرات وموارد المؤسسة. يقول ابن عاشور رحمه الله" وإنما كان التنازع مفضياً إلى الفشل، لأنه يُثير التغاضب ويُزيل التعاون بين القوم، ويحدث فيهم أن يتربص بعضهم ببعض الدوائر ". فمؤسساتنا لن تتطور ولن تتقدم ولن تتحرك ولن يتحسن أداؤها ولن تسير إجراءاتها في مسارها الصحيح، ولن تمضي نحو المعالي إذا كان فيها "التنازع الخفي" يُتداول في أروقتها وبين موظفيها. فهلا توقف أصحاب "التنازع الخفي" عن هذا السلوك الشائن والتفت الجميع إلى مصلحة المؤسسة وتعزيز قدرتها التنافسية بين المؤسسات الأخرى والمجتمع، وألا نغرق في هذا المستنقع والوحل فتعيش مؤسساتنا في دائرة الخلافات والصراع والخصام، ومنشأ ذلك كله "التنازع الخفي" من أجل المصالح الشخصية الذاتية الفردية "أنا". فلنكن يقظين مع أنفسنا وفي محيط أعمالنا، ولنتحكم في أقوالنا وتصرفاتنا، ولا نترك أهواءنا وأمزجتنا تتحكم فينا وتسيرنا نحو القيم والسلوكيات السلبية، ولنتأدب ونهذب أنفسنا وأفعالنا بالآداب الشرعية، فالخلاف والصراع والنزاع و"التنازع الخفي" منبوذ. ففي كل تنازع ضعف وعجز وخسارة وقطيعة. "ومضة" قال تعالى: ((وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)).