21 سبتمبر 2025

تسجيل

علامات الساعة في المدارس

17 نوفمبر 2011

طالبة في عمر الزهور للتو بدأت تتفتح ورودها وتنظر إلى الدنيا بمنظار جميل وتعيش فيها حسب فطرتها الإسلامية المتزنة التي فطرنا الله عليها جميعاً بالتقيد بالدين الإسلامي والعادات والتقاليد وهي أمور بديهية يعرفها الجميع بشرط لا إفراط ولا تفريط. تلك الطالبة الجميلة أعطيت لها ولأقرانها من الطالبات في إحدى المدارس محاضرة عن يوم القيامة وعلامات الساعة والموت وعذاب القبر والنار... إلخ، من الأمور التي تجعل المتلقي يعيش في أجواء يملأها الرعب والتفكير العميق في المستقبل وظلمة القبر ومنكر ونكير. وكل ذلك صاحبه تطبيق عملي وصور تبين الأهوال والعذاب ومؤثرات صوتية وبصرية قوية لطالبات في المرحلة الاعدادية. وهذا لا يكفي بل تم استخدام مشاهد تمثيلية وأحضر الكفن أمامهن وعاشت الطالبات المحاضرة بكل جزئياتها الصغيرة والكبيرة والداعية تسترسل وتخطب فيهن وتتوعد بأهوال يوم القيامة وعلامات الساعة وعذاب القبر وتنتهي المحاضرة ولا يستطيع أياً كان أن يقترب من تفكير الصغيرات بعد أن حفرت الداعية في عقولهن شيئاً واحداً مختصره (يا ويلكن من العذاب) وجعلتهن يشعرن بأن الساعة قائمة وقد تكون الآن .. الآن، لدرجة أصبح لدى البعض منهن تخوف وعدم اهتمام بالدروس وإنما أصبح تركيزهن كيف يعددن العدة ليوم اللقاء، وانصب تفكيرهن على علامات الساعة وعددها وماذا تبقى منها ومن شدة الإفراط في التفكير شعرن وكأنه لم يتبق إلا النفخ في الصور ويصرع الناس. هل انتهت الأمور إلى هذا الحد؟! لا .. إدارة المدرسة عشقت هذا الفن التمثيلي وارتاحت جداً لذهول الطالبات ومدى تخويفهن وكأنها ترغب في شيء يلجمهن نهائياً، فطلبت إعادة "المسرحية" عفواً "المحاضرة" مرة أخرى ولكل الطالبات في المدرسة وإجباري حضور الجميع. بالطبع كان من ضمنهن الطالبة المقصودة في مقالي هذا... انتهت المحاضرة وقد تكون الداعية النشطة تسلمت شيكاً على جهدها وتعبها في تخويف الطالبات أو في إعطاء المحاضرة القيمة والمشاهد التي يعجز أي مخرج عن ابداعها وتوظيفها بالشكل الصحيح ثم أصبحت الطالبات تعشن حالات خوف وهلع، ومنهن هذه الطالبة ولا تستطيع النوم وتخشى قيام الساعة ولا ترغب الذهاب إلى المدرسة وتتأخر في دروسها، وفي أحد الأيام القليلة التي ذهبت فيها إلى المدرسة اشتدت الرياح وبدأت الطالبات بالكلام عما تعلمنه بأن اليوم هو يوم القيامة، خافت الطالبة وأغمي عليها وكادت تفقد حياتها لولا لطف الله سبحانه وتعالى، بعدها أصبحت تمتنع كثيراً عن المدرسة مما جعل أهلها يغيرون المدرسة بأخرى ولكن الخوف والهلع يلازمانها في كل مكان، وتأتي المصادفة أن يتوفى أحد أقاربها وتتصور تلك الطالبة شرح عذاب القبر وأنه قد يحصل ذلك له وتزداد لديها الوساوس وأصبحت تخرج بالليل لترى النجوم إذا ما كانت في مكانها أم لا؟ لأنها تعلمت أن من علامات الساعة اختفاء النجوم ولا أعرف من أين حصلت تلك الداعية على هذه المعلومة لأننا جميعاً نعرف أنه لا يوجد شيء بهذا الخصوص من علامات الساعة. ازدادت الأمراض النفسية على تلك الزهرة بعد التأخير في التحصيل العلمي.. وماذا بعد..؟ هي الآن تراجع قسم الطب النفسي التابع لمؤسسة حمد الطبية. * فمن المسؤول عن توصيل إحدى فلذات أكبادنا إلى هذا المستوى؟!! * لماذا يسمح لكل من قال أعرف كلمتين في الدين أن يتمرس ويعيد ويزيد على من أعمارهم تسمح بأن ينقش في عقولهم أي شيء وبسرعة. * لماذا لا تكون هناك رقابة صارمة من قبل إدارة الدعوة والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين عما يعطى للطلاب والطالبات ليكون ملائماً مع سنهم وما يحقق الأهداف المرجوة لمناهجهم التعليمية؟ * كيف بمن ينصب نفسه خطيباً أو داعية ألا يعرف أن الدين فيه من الترغيب أكثر من الترهيب وأن رحمة الله واسعة. يجب الاهتمام أكثر بما يعطى في المدارس وأن يهتم أصحاب التراخيص بما هو تربوي وأن تتخذ وزارة الأوقاف ممثلة في إدارة الدعوة كل الإجراءات اللازمة لعدم السماح لأي داعية بالوجود في المدارس أو حتى الجامعات إلا بعد أخذ الموافقة الكاملة وعرض محتوى محاضرته على المختصين ومعرفة ما يناسب كل مرحلة عمرية، وأن يعاقب كل من يخالف ذلك. أتمنى من خالص قلبي الشفاء العاجل للطالبة وأن تعود كما كانت نحلة تنتقل من غصن إلى آخر بكل حب وحرية وصفاء ذهن وتعيش الحياة بكل ما فيها وأن تعرف أن الحياة جميلة ممتعة ولن تنسى بالطبع دينها الحنيف، الدين الجميل الذي يقدم الخير والإحسان والتسامح قبل كل شيء.