11 سبتمبر 2025

تسجيل

صناعة الكذب ومزاعم قطع رؤوس الأطفال!

17 أكتوبر 2023

الحرب النفسية والدعائية لها تأثير عميق في عقول البشر منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا؛ وان اختلفت الطرق والأساليب المستخدمة، فهناك من يعتقد، أنه من ينتصر فيها فقد كسب الحرب وسيطر على الاحداث بلا منازع. فتعد الشائعات من اخطر الأسلحة النفسية فتكا بالجماهير وأكثرها خطورة. فكان قيام إسرائيل من البداية قائما على التضليل والخداع، فقد اقنعت الصهيونية العالمية وسائل الإعلام في الدول الاستعمارية، بأن فلسطين دولة بلا شعب، لشعب بلا دولة والمقصود هنا جمع اليهود المتفرقين في العالم إلى أرض الميعاد المزعوم. فيمكنك خداع الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكنك أن تستمر في الخداع إلى ما لا نهاية فقد تظهر الحقيقة يوما ما؛ فهذا ما حصل في الفترة الاخيرة!. فقد تغيرت الأمور بمرور الزمن، وتعددت المصادر في زمن ما يعرف بالسماوات المفتوحة؛ فمكنت التكنولوجيا وخاصة أجهزة الهواتف الذكية الإنسان من رصد ونشر المشاهد التي تحوز على قناعته وتعبر عنه بسهولة ويسر. وقد بث المجاهدون عبر العالم كيف انهارت إسرائيل من الداخل، إذ يتم سحب الجنود من دباباتهم بدون مقاومة بينما يهرب المستوطنون نحو تل ابيب. فتلك المشاهد المذلة صدمت زعماء الدول الاستعمارية التي زرعت إسرائيل في بلاد العرب؛ بداية من لندن التي منحت أرضا لا تملكها لمن لا يستحقها مرورا بواشنطن التي أرسلت اساطيلها لحماية ناتنياهو ووصولا إلى باريس التي منعت المتظاهرين ضد قتل الأطفال؛ فهؤلاء الطغاة الامبرياليون في هذه الايام يشعرون بالعار لنجاح المقاومة الإسلامية (حماس) من اختراق التحصينات الاسرائيلية وانظمتها الأمنية المتطورة خلال ساعات ووصولها إلى العمق الإسرائيلي وسيطرتها الكاملة لعدة ايام على مفاصل الدولة الصهيونية وقواعدها العسكرية من عسقلان إلى غلاف غزة وسط انهيار كامل للقيادتين العسكرية والأمنية والسياسية في تل ابيب، وانكشفت لأول مرة اسطورة الجيش الذي لا يقهر الذي كان يرهب الأنظمة العربية، وذلك فجر السبت الموافق 7 أكتوبر، هذا التاريخ الذي سوف يكتب بماء الذهب وينقش في ذاكرة الأجيال العربية من المحيط إلى الخليج عبر الأزمان، بل الأمة الإسلامية قاطبة، لما له من رمزية عظيمة نحو تحرير المقدسات ودحر الصهاينة في الأراضي التي احتلت عام 1948 من أرض فلسطين التاريخية المباركة. فكان لابد لوسائل الإعلام والدعاية الغربية التي تقف خلفها اللوبيات الامبريالية؛ أن تقلل من هذا النصر المبين الذي يحدث لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي يمتد إلى سبعين سنة من الجهاد لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة كاملة من البحر إلى النهر. فكانت بداية هذه الأكاذيب الرخيصة في مقابلة أجرتها مراسلة صحفية (The Independent ) البريطانية في الأراضي المحتلة مع أحد جنود الاحتياط في جيش الاحتلال يدعى (ديفد بن صهيون) المتطرف الذي نسج خيوط هذا التضليل من خياله، وروج لقصة كاذبة بدون دليل بأن كتائب الشهيد عز الدين القسام قد ارتكبت مجزرة تتمثل بقطع رؤوس أربعين طفلا إسرائيليا في مستوطنة (كيبتوس كفار عزة) أمام اعين والديهم في أرض المعركة، كما تزامنت هذه الفبركة الدعائية ضد المقاومة الإسلامية بهدف تجييش العالم وتشجيعه على التنديد بطوفان الاقصى مع ما كررته صحفية إسرائيلية تدعى (نيكول زيديك) والتي تعمل في قناة (آي 24) من دعاية سوداء كاذبة حول إعادة تلك الرواية التي تتنافى مع اخلاق وقيم وتعاليم الدين الإسلامي لتلك المذبحة المزعومة. والهدف الأساسي من هذه القصص الإخبارية التي تفتقد إلى دليل ومحاولة نشرها على نطاق واسع عبر القنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية؛ وخاصة الناطقة باللغة الإنجليزية وكذلك الصحافة العالمية، بهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وتبرير قتل الأطفال في غزة بالطيران الإسرائيلي الذي اباد أحياء سكنية كاملة وشطب عشرات الأسر الفلسطينية من السجل المدني، وقتل حتى كتابة هذه السطور اكثر من 700 طفل وجرح 1500 منهم في الأسبوع الأول من المذابح الجماعية. كما قام الاحتلال البربري الإسرائيلي بقطع المياه والطعام والكهرباء عن القطاع بالكامل بهدف تجويع الناس وقتل من نجا منهم من القصف الذي طال حتى الان الاف الشهداء من النساء والشيوخ. وبالفعل أثارت تلك المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي انتشرت على نطاق واسع في أرجاء العالم، ردود أفعال غير مسبوقة، فهذا الرئيس الأمريكي الذي سبق له القول بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة انفسهم بادعائه زورا وبهتانا بأنه شاهد بنفسه قطع رؤؤس الأطفال، ثم يتراجع البيت الابيض عن ذلك لعدم وجود دليل. وهكذا دفع الإنسان العربي لفترة طويلة- وما زال- أثمانًا باهظة، بسبب التضليل الإعلامي الذي يسود الخطاب الإعلامي الغربي بمختلف وسائله، فالوكالات الدولية الغربية والصحف الكبرى ذات الطابع الدولي التي تصدر في عواصم صنع القرار والشبكات التلفزيونية العابرة للقارات؛ تملك جيوشًا من المراسلين ينتشرون في كل ركن من أركان الكرة الأرضية؛ مما جعلها تسيطر على أكثر من 90% من مصادر الأخبار المتداولة في العالم، ونتيجة لهذا التفوق المعلوماتي تقوم هذه الوسائل بممارسة الإرهاب الإعلامي، وذلك من خلال استخدام المصطلحات المضللة، وغرس المفاهيم الخاطئة التي يحرص الإعلام الدولي الموجه على غرسها في عقول وأذهان الملايين من البشر، خاصة في أوروبا وأمريكا؛ فالإرهاب أصبح مرادفا للإنسان المسلم، فالمدافع عن حقوقه وأرضه المغتصبة يطلق عليه «متطرف وأصولي». وقد ساعد الغياب الكلي للعرب من الفضاء العالمي (باستثناء قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية) على وجود خطاب إعلامي أحادي الجانب، ينظر للقضايا العربية بعيون المنظمات الصهيونية التي تعمل على تزييف الحقائق وتلوينها منذ عقود طويلة.