31 أكتوبر 2025
تسجيلضمن إطار حالة الهستيريا السياسية التي تضرب النخبة الحاكمة في بغداد والتي يهيمن على قراراتها النظام الإيراني عبر فروعه وامتداداته الإستخبارية والمرجعية في الحرس الثوري الإيراني، فإن حرب التصريحات والتهديدات الموجهة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهي الحملة التي تصاعد أوارها مؤخرا قد بلغت درجات من التصعيد غير مسبوقة في تاريخ العلاقات التركية/ العراقية!، وهو تصعيد مرتبط بحالة الاستقطاب الحادة التي يعيشها العراق اليوم وهو يتأهب لمرحلة جديدة ومختلفة تماما بعد المعركة الجارية فصولها حاليا لاستعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الذي سيطر عليها صيف عام 2014 بعد أن قدمتها لهم حكومة نوري المالكي بانسحابها الشهير والذي لم تتم أبدًا محاسبته أو مساءلته عليه في واحدة من أكثر القضايا والملفات غموضا في تاريخ العراق المعاصر! حرب التهديدات والتصريحات الساخنة بلغت الذروة مترافقة مع تصعيد طائفي خطير شرعت به جماعات وقيادات الحشد الطائفي التي تهدد علنا بحروب استئصال طائفية لن تبقي أو تذر وستدمر العراق وتنتقل بعدواها المدمرة للشرق الأوسط بأسره الذي يتقلب اليوم على جمر النار!، قادة الحشد الطائفي الإيراني وفي طليعتهم الإرهابي الدولي أبو مهدي المهندس وعميد الحرس الثوري هادي العامري مافتأوا يهددون الأتراك بإرسال جثث جنودهم في بعشيقة معلبة لتركيا!!، وبقية قادة فصائل الحشد باتت تحشر الروايات والدعاوي الطائفية السقيمة المريضة في حربها الإعلامية ضد الحكومة التركية، ورئيس الحكومة حيدر العبادي يسخر علنا من الرئيس التركي دون أن يراعي عواقب تلك السخرية ودون أن يكون حقيقة في مستوى التحدي!، وفي العراق اليوم سباق وماراثون هائل لإظهار العداء نحو الدولة التركية، فوزارة الخارجية التابعة رسميا عبر وزيرها الطائفي إبراهيم الجعفري للنظام الإيراني كانت هي البادئة في إطلاق الرصاصة الأولى في الحرب الإعلامية الشرسة وفي رفع مستوى الخلاف لمنصة مجلس الأمن معتبرة الوجود العسكري التركي المحدود بمحاذاة الحدود العراقية/التركية احتلالا عسكريا فيما تتغاضى عن قطعان الحرس الثوري ومئات الآلاف من العناصر الإيرانية المسلحة تحت ظلال ودعاوي السيادة المزيفة وغير الموجودة أصلا!، والجديد في الصورة دخول رئيس التحالف الطائفي الشيعي عمار الحكيم على الخط وإطلاقه لتهديدات مباشرة ضد الرئيس التركي أردوغان وتحذيره إياه مما أسماه نفاد صبر العراقيين!!، عمار الحكيم قطعا لا ينطق عن الهوى ولا يعبر عن رأيه الخاص، بل عن موقعه باعتباره رئيسا للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق وهو المنصب الذي جاءه بالوراثة منذ أيام عمه محمد باقر الحكيم المقتول عام 2003 والذي أورثه لشقيقه عبدالعزيز الحكيم الذي ورثه بعد مماته ابنه عمار الحكيم، وطبعا مجلس آل الحكيم الثوري مرتبط بمجلس الوزراء الإيراني وهو خاضع لأوامر ونواهي الولي الإيراني الفقيه ولا يستطيع مخالفتها قيد أنملة لكونه بصراحة (صناعة إيرانية محضة) كما نعرف جميعا، والمجلس الحكيمي بعد احتلال وتدمير العراق أمريكيا عام 2003 قام باحتلال المواقع المهمة والمركزية في بغداد عبر الدعم الإيراني المباشر، وعمار الحكيم هو اليوم رئيس التحالف الطائفي الحاكم بعد اختياره خلفا لإبراهيم الجعفري!، والحكيم معروف بعلاقاته الوثيقة مع بعض دول الخليج العربي كما أنه معروف بدبلوماسيته وعدم لجوئه لإطلاق التصريحات والتهديدات بل يتخذ موقفا وسطى ولكنه في الحالة التركية تخلى عن رداء الحمائم ليرتدي بزة الصقور في تبادل مسرحي هائل للأدوار في الساحة العراقية وهو يهدد أردوغان بنفاد صبر العراقيين!!، الحكيم كان في منتهى البؤس وهو يوجه التهديد لكونه يعلم بأن آلاف الشباب العراقي يتوجه زرافات ووحدانا لتركيا هربا من العراق وطلبا للجوء في دول الغرب ومنهم قادة وعناصر في الحشد الطائفي الذين تغص بهم معسكرات طالبي اللجوء!، فعن أي صبر يتحدث الحكيم وهو يرى ويسمع مشاهد البؤس والهروب الشبابي العراقي نحو بوابات الخلاص التركية؟ ثم هل يعتقد الحكيم بأن أي مواجهة عسكرية تركية / عراقية يمكن أن تكسبها حكومة بغداد وهي العاجزة عن مقارعة حفنة من الأشقياء لتستعين بطائرات التحالف الدولي لحمايتها!. يبدو أن الحكيم يعيش كأقرانه منفصلا عن الواقع ويطلق التهديدات الهوائية وهو يعتقد بأن لا أحد يسمع أو يقرأ أو حتى يستوعب!..بؤس القيادات العراقية تاريخي وغير مسبوق.. للأسف.. فواعجباه!