11 سبتمبر 2025
تسجيلتقبل الله طاعاتكم وعسانا وإياكم من العايدين الفائزين بمغفرته ورضوانه.. مرت علينا أيام خير كثيرة نحمد الله أن أتم علينا وعليكم الصيام ونسأله أن يتقبل منا ومنكم سائر الأعمال. وللجميع في العيد لقاء شائق مع الأهل والأقارب، تزاور وتراحم وعزائم مختلفة وجمعات نهارية وليلية. وتبقى هناك بعض الأسر التي يشوبها غيم ويحوم على علاقاتها البعد والنفور وإن تلاقوا للسلام. ولم نرغب بالكتابة عن هذا الأمر إلا ليحذر الجميع مما يفعل بنفسه قبل غيره، فلا خير في حقد وغل وظلم. لمَ كان الحديث للقريب دون الغريب: وذلك لأن لدغة القريب لها أثر مؤلم يوجع قلبك ويغير حياتك بل يزعزع ثقتك به فيطول مداها ولا تُنسى، ولكن لدغة الغريب لن تقف عندها كثيراً لأنك تعالجها بسرعه وتميت كل أثر لها دون أسف عليه. أبعد اللحم عن اللحم لايخيس، وخذ من الخرايب ولا تأخذ من القرايب، روح بعيد وتعال سالم.. كلها أمثلة متشابهة تصب في المثل المشهور الأقارب عقارب. حقا مؤلم جداً أن يلدغك قريب لك يقترب منك بكل هدوء كمحب ولا تأخذ منه حذرك لثقتك به فلا تتوقع غدره، فتكون لدغته سريعة دون سابق انذار. لنا صديقة منذ أيام الدراسة سمعنا منها ولأول مرة جملة الأقارب عقارب، فاستنكرناها واستغربناها وقبل كتابة هذا المقال كتبنا لها: هل ما زلتِ على مقولتكِ الأقارب عقارب فكتبت: "إلا موجودة وبقوة وتزداد مع مرور الوقت" فطرحنا عليها عدة أسئلة فردت:"شكلج تخططين على مقال" ولم تجب! وإنما أردنا أن نعرف هل للوازع الديني دور في الأمر؟ وكيف لأُناس يقومون بكل العبادات لا يبالون بتنقية قلوبهم من الحقد؟ ثم هل للتربية والتلقين أثر في ذلك؟ الأقارب هم من تربطك بهم علاقة الدم والنسب والجيرة والصداقة فهو قريب منك يعلم عن حياتك وأسرارك، متربيا يعيش معك نائما قائما وجهك بوجهه، تأكل وتشرب وتلبس معه وتشاركه آلامه وأحزانه وأفراحه، تحبه وتخلص له وتقدم له العون في أمره، وهو من تصاحبه يوميا. وبالرغم من هذه الصحبة والقرابة أيا كان نوعها إلا أنك تجد منهم من يشمت بك إذا رسبت أوطلقت أوافتقرت أوصدمت (دعمت) أو من أولادك عانيت أو يغتم ويحزن إذا تزوجت ونجحت في حياتك الزوجية أو العملية، وقد يحقد عليك ويحسدك على علم أووظيفة أومنزل اشتريته أوسيارة تركبها، وحتى اللقمة لن تسلم منها، وبالطبع لن تجدهم جميعا مجتمعين في فرحك وإن وجدتهم كانوا ممتعضين ومنتقدين بل قد يسببون لك حنقا! ومنهم من يحاربك من غير سبب ظاهر تتفاجأ به فيما بعد. وكلما كان أكثر منك قرباً كان مطلعاً أكثر على حالك ونعيمك وعيشك بل وحزنك وألمك، فيزداد غيظاً فما أن يجدك في ضيق/ مأزق حتى يفشي سرك الذي ائتمنته عليه معتقداً أنه نعم القريب بل ونعم الصاحب، فتسمع من البعيد لتستغرب كيف علموا وأنت لم تخبر إلا هذا القريب! فهو يتقرب لغيرك بالنميمة ويسعى لتدمير علاقاتك بمن تعرف. فهو يكشف عن نفسه حيث: 1) تظهر عليه آثار الحسد والحقد في فلتات لسانه. 2) مواقفه ومكائده. 3) نشر الفتن والسعي بالنميمة ليخرب علاقتك بغيرك، وهو بهذا يكشف حقده بل وحقد غيره من الأقارب الذي كان مكنونا. بحثنا وقرأنا كثيراً عن العقرب، فوجدنا أن العقارب لا ترى فرؤيتها ضعيفة وهكذا هو الحاقد الحاسد ومن في قلبه غل وظلم للناس فبصره قليل لا ينظر للآخرة وينسى أن الله هو الرازق المعطي وأن هناك حسابا وعقابا، والعقرب لا يسمع وكذلك العقارب من البشر لا يسمعون إلا من أهل الباطل ومن هم على شاكلتهم، وسُم العقرب يسبب آلاما مبرحة إلى خدر بالجسم وضيق بالنفس واختلال بضربات القلب، وهذا ما يفعله العقرب البشري يؤدي بقريبه للضيق والكدر والمرض وأحيانا الموت من أثر القهر والظلم. قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" وما يحدث من بعض الأقارب ظاهره محبة وباطنه حقد بل ان البعض يتظاهر أمام الناس بالسلم وهم في الباطن يكيدون ويخططون، فأين هم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم!. لماذا أصبح القريب عقرباً: 1) قلة الوازع الديني وإن صلى وصام وتصدق وزكى وأظهر دينه؛ ذلك لأن مايفعله لم يذكره بالله والخوف من عقابه. 2) أساس التربية والبيئة المحيطة به. 3) التلقين ومشاهدة كره بعض الأقارب وسماع الانتقادات السلبية المستمرة. وردت أحاديث كثيرة في صلة الرحم والنهي عن القطيعة، ولكن تظل بعض العلاقات يشوبها عدم النقاء، ولو تصافوا لكان خيراً للجميع. وأخيراً: نحن أيضا أقارب لأناس آخرين فالكلام ينطبق علينا كما هو عليهم، فلنحذر أن نكون عقارب ولنكف أذانا عنهم لأنه الأذى أيا كان مصدره نحن أم هم. همسة لكل مسموم من قريب: الإسلام أمر بالإحسان وأول الإحسان أن تكف الأذى عنهم وتسكت عن تفاهاتهم، وتعرض عما يقولون عنك في عرضك ونفسك وأهلك وما يفعلونه ليؤذوك، فهم مرضى فأغلق عينك وأصم أذنك عنهم، واحتسب في سكوتك عنهم الأجر، فهنيئا لك تكسب حسنات وأنت ببيتك. أبعد الله عنا وعنكم أذى كل عقارب الدنيا ولدغاتهم المميتة. دمتم في حفظ الله ورعايته.