16 سبتمبر 2025

تسجيل

يهاجمون منظمات حقوق الإنسان عوض احترامها

17 سبتمبر 2018

في الوقت الذي لاقى فيه التقرير الصادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمكلف بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، استحسانا لدى القوى الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، واهتماما واسعا في الأوساط الإعلامية الدولية لما تضمنه من أدلة دقيقة وشهادات موثقة عن الانتهاكات التي ارتكبتها كل الأطراف المتنازعة في اليمن منها التعذيب والاختفاء القسري ومنع وصول المساعدات الإنسانية وتجنيد الأطفال واستهداف المدنيين دون تمييز وتدمير البنية التحتية والمدارس والمستشفيات... حاولت بعض حكومات الخليج، وأساسا المملكة السعودية والإمارات المتحدة النيل من رئيس الفريق السيد كمال الجندوبي وتشويهه وذلك بغاية التشكيك في محتوى التقرير الذي يدينها. وتعاطفت المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية والعربية (ثلاثون منظمة) مع السيد كمال الجندوبي الذي كان في مستوى ثقة منظمة الأمم المتحدة فيه والذي تميز تقريره المرفوع إلى الأمين العام للمنظمة بالنزاهة و قوة الحجة وكشف الحقائق وأصدرت هذه المنظمات بيانا تستنكر فيه ما تعرض له صاحب التقرير من نيل من كرامته وتشويه لسمعته عوض أن تتصدى الحكومات المتهمة و الجهات المتقاتلة في اليمن إلى مراجعة ممارساتها والاعتراف بالأخطاء القاتلة و جاء في البيان ما يلي : • تحيي المنظمات الموقعة على البيان مجهودات فريق الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة لما تضمنه من حجج وأدلة وشهادات تؤكد ما تداولته منظمات حقوقية وبعض وسائل الإعلام منذ بداية الحرب من إدانة لجميع الأطراف المتورطة في الصراع اليمني. • تعبر عن تضامنها التام مع رئيس فريق الخبراء ، السيد كمال الجندوبي، أمام حملات التشويه التي تستهدفه والتي تدلل ، مرة أخرى، على استخفاف بعض الدول بالمنتظم الأممي ومبعوثيه وتقاريره. • تؤكد على ضرورة تتبع كل من ثبت تورطه في النزاع المسلح في اليمن، لتحقيق المساءلة ومنع الإفلات من العقاب في جرائم الحرب، كما تدعو الأمم المتحدة  ومجلس الأمن إلى ضرورة فرض حظر على مبيعات الأسلحة لكل الأطراف المتنازعة ومعالجة الأزمة الإنسانية هناك ومنع المزيد من الجرائم التي ترتكب ضد الشعب اليمني.  هذا ملخص ما حدث وهو يؤشر إلى استمرار ممارسات المراوغة و الهروب إلى الأمام عوض معالجة الداء واستئصاله وهو يذكرنا بالمريض الذي يقيس بالمحرار درجة حرارته و تفاقم الحمى فيكتشف أنها قاربت الأربعين وهي منطقة الخطر على حياته، وعوض أن يبادر إلى الطبيب لتخفيضها و يعالج المرض يقوم بتهشيم المحرار اللعين الذي كشف له الحقيقة. نعم هذا حال بعض الحكومات العربية إزاء تنديد منظمات حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة التي وقعت على ميثاقها نفس تلك الحكومات و قبلت بذلك نواميس الانتماء للأمم المتحدة وشروط عضويتها وهذا السلوك يؤكد أننا العرب ما نزال بعيدين عن روح المنظمة التي أسسها آباؤنا حفظا للسلام بعد ويلات حربين عالميتين دمرتا العالم فجاء تأسيس منظمة الأمم المتحدة سنة 1945 لإعادة تشكيل العلاقات الدولية على أساس الأمن المتبادل و حل النزاعات بالمفاوضات وإبعاد شبح الحروب وما إنشاء مجلس حقوق الإنسان ومقره في (جنيف) إلا تكريسا لمبدأ هام من مبادئ السلام العالمي ألا وهو الاعتراف بأن للإنسان حقوقا شخصية و معترفا بها عالميا وتتعهدها الدساتير بالحماية و الدعم وهو ما لم تحترمه الأطراف المتصارعة في اليمن اليوم ومنذ ثلاثة أعوام و نصف دون أمل في الحسم العسكري للنزاع بل بإصرار غريب على مواصلة القتل والقصف والتدمير حتى بلغ أمر الشعب اليمني إلى أسوأ حال من عشرات ألاف الضحايا وانتشار الأوبئة وتفشي المجاعة وانعدام الدواء و الماء والغذاء وتحولت أرض اليمن إلى حلبة من التحالفات المشبوهة و التدخلات الفجة تحت تعليلات لم تعد تقنع أحدا وجاءت فاجعة قصف الحافلة المدرسية في صعدا كالقشة التي قسمت ظهر البعير لتكشف للرأي العام العالمي فداحة المأساة و قسوة القاصفين ثم اعترفت دول التحالف بأنها ارتكبت تلك المجزرة ضد الأطفال الأبرياء مع تخريجات أخرى تبرر القصف . الأهم ليس هنا بل في الهجوم الشخصي المنظم للسيد كمال الجندوبي الحقوقي المعروف بتاريخ طويل من النضال و التضحيات من أجل صيانة حقوق الإنسان بداية من وطنه الأصلي تونس وامتدادا إلى الدول العربية التي مع الأسف تتصدر قائمة الدول المنتهكة للحقوق وانظر إلى ما يحدث اليوم في مصر من تصفيات جماعية لخصوم النظام بالأحكام القضائية القاسية وغير المبررة وأيضا في دول خليجية ذهبت في طريق القمع الفكري إلى غايات قصوى. إن العالم ينظر إلينا ويقيم سلوكنا الحقوقي ويتعامل معنا سياسيا واقتصاديا حسب معيار احترامنا لحقوق الإنسان الأساسية فلنتق الله في شعوب أوكلها الله لحكامها ليحكموها بالقسطاس والعدل لا ليقمعوها بالحديد والنار.