11 سبتمبر 2025

تسجيل

بشار خارج السياق

17 سبتمبر 2012

استفزني تصريح منسوب لرئيس النظام السوري الدموي – بشار الأسد - خلال الأسبوع المنصرم عبر فيه عن استعداده للتنحي عن السلطة بشرط أن يتم ذلك وفق محددات عملية انتخابية " وهو ما يؤشر إلى أن الرجل إما مغيب أو غائب بإرادته تحت وطأة التضييق الذي يمارسه الثوار بكفاءة عالية – رغم الكلفة العالية من دمائهم التي تريقها قواته على نحو بالغ في ضراوته وقسوته وعدوانيته. وهذا الاستفزاز دفعني إلى أن أطلب تعليق عبد الباسط سيدا رئيس المجلس السوري المعارض في لقاء لي معه على هامش زيارته للقاهرة قبل أيام فأغناني عن التفكير في مواجهته – أي الاستفزاز أو بالأحرى حرق الدم فعقب بالحرف الواحد " قائلا: ليس من حق بشار أن يضع هذا الشرط فهو لم يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع ووفق آلية الانتخابات ولكنه وريث الجمهورية السورية التي صاغها والده حافظ الأسد بعد انقلاب عسكري سيطر به على مقاليد الأمور في 1971 واستمر في الحكم مستعينا بالقبضة الأمنية ثم أخذ يهيئ الأمور ليسلمها إلى ابنه بشار ضمن نطاق لعبة واضحة المعالم مستلهما في ذلك تجربة كوريا الشمالية وهو ما حاوله نظام مبارك فيما بعد لكن ثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير أجهضت هذه المحاولة وفي ضوء ذلك فإنه لا يحق لبشار أن يقول ما صرح به مؤخرا بشأن الانتخابات ولكن مع ذلك يمكن الاستعانة بقوات عربية دولية تكلف بمهمة حماية أمن السكان والإشراف على إجراء انتخابات نزيهة ووقتها لنرى النتيجة ". وهنا التقطت الخيط وسألته عن تصوره لهذه الفكرة - قوات عربية دولية - وعما إذا كان قد اقترحها على الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية عندما التقى به يوم الخميس الفائت فكشف "سيدا" لي النقاب عن أنه اقترح خلال هذا اللقاء تشكيل قوات دولية على أن يكون جسمها الرئيس عربي إسلامي لتقوم بمهمة المحافظة على الأمن وتوفير ضمانات دولية للشعب السوري لتمكينه من ترتيب البيت الداخلي ثم إجراء انتخابات ديمقراطية تحت إشراف دولي عربي وبعد ذلك يمكن النظر في النتائج. قلت له: هل تقبلون بأن يرشح بشار نفسه في مثل هذه الانتخابات؟ قال لي: دعني أكون واضحا في هذا السياق فبشار الأسد لم يعد له أي موقع في العملية السياسية بعد كل هذا القتل الذي مارسه ضد شعبه، ليس بشار فقط ولكن كل زمرته التي تشاركه ارتكاب الجرائم. أقول ذلك ليس من مقام التحدي ولكن من المنطقي أن كل من أسهم في قتل السوريين وعلى رأسهم بشار والمجموعة الحاكمة معه لا يتعين أن يكون له مكان في أي عملية سياسية قادمة. وفي هذا اللقاء أبلغني رئيس المجلس الوطني عن تصوراته بشأن مستقبل الأزمة السورية: أولا: ثمة إصرار من قبل الثوار الذين يقودون المواجهة باقتدار وكفاءة بالرغم مما يبدو من انسحابات تكتيكية مفروضة عليهم بفعل عدم التكافؤ مع قوات بشار المدججة بكل صنوف الأسلحة على تحقيق الهدف الأسمى للثورة المتمثل في إسقاط النظام مهما كانت التضحيات وفي هذا السياق يبدو أن هناك نوعا من الرفض الكامل لمهمة الأخضر الإبراهيمي المبعوث المشترك الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية باعتبارها تنطوي على عملية إعادة إنتاج لمهمة المبعوث السابق كوفي عنان والتي التزمت بها قوى المعارضة بيد أنه في خلال الأشهر الثلاثة التي استغرقتها تجاوزت أعداد الشهداء ثلاثة آلاف شخص من جراء قصف النظام للمدن والبلدات السورية بكل أنواع وصنوف الأسلحة الثقيلة بما فيها الطائرات إلى جانب ارتكابه المجازر الوحشية التي لم تتوقف حتى الآن. ثانيا: لا مجال لتطبيق النموذج اليمني في سوريا فهي أقرب إلى الحالة الليبية منها إلى الحالة اليمنية وهو ما لا يجعل إمكانية الحديث عن انتقال سلمي للسلطة واردة خاصة في ظل ممارسة النظام الحاكم للقتل والتخريب منذ أكثر من 18 شهرا مما أسفر عن استشهاد أكثر من ثلاثين ألف شخص وثلاثة ملايين نازح فضلا عن أكثر من ربع مليون لاجئ في دول الجوار بشكل رسمي إلى جانب أكثر من نصف مليون من لجأوا بأساليبهم الخاصة بالإضافة إلى عشرات الألوف من المفقودين والمعاقين وأكثر من مائة ألف معتقل وهو ما يستوجب من الأطراف المؤثرة أن تسعى إلى المعالجة الجذرية للأزمة انطلاقا من تضافر الجهود باتجاه إرغام نظام بشار الأسد على الرحيل فورا وإلا ستكون التداعيات شديدة المخاطر سواء على سوريا أو على المنطقة. ثالثا: لا توجد حكومة انتقالية سواء في القاهرة أومن قبل المجلس الوطني غير أن تشكيل مثل هذه الحكومة يمثل التحدي الذي ستواجهه قوى المعارضة إن عاجلا أو آجلا ومن ثم فإنه تجرى حاليا مشاورات معمقة بمشاركة مختلف المكونات الاجتماعية والقوى السياسية والقوى الميدانية الفاعلة على الأرض لبلورة السلطة الانتقالية حتى تكون موضع توافق الجميع فأي مبادرات متسرعة على هذا الصعيد - الكلام لعبدالباسط سيدا - يمكن أن تقود إلى إنتاج جملة من الحكومات الهزيلة وليس حكومة واحدة وهو ما يدفع نحو المزيد من التعقيد وليس الحل ولتفادي ذلك سيتم ترتيب حوار وطني بين القوى السياسية الفاعلة لمناقشة هذه الفكرة. رابعا: إن المؤتمر الجامع للمعارضة الذي عقد تحت رعاية الجامعة العربية في مطلع يوليو الماضي لم يفشل ولكنه نجح في بلورة وثيقتين مهمتين إحداهما للعهد الوطني التي تحدد ملامح مستقبل سوريا والثانية تمثل خارطة طريق للمرحلة الانتقالية وبالتالي فإن أي لقاء بين قوى المعارضة السورية ينبغي أن يضع هاتين الوثيقتين في الاعتبار غير أن التوجه الأساس لهذه القوى في المرحلة الراهنة هو دعوة مجموعة من الفصائل الأساسية - ليس كل الفصائل- الفاعلة في الميدان في سبيل تشكيل ما يمكن وصفه بالنواة الصلبة للبديل عن النظام القائم في دمشق. ولاشك إذا تم إنجاز ذلك فحينئذ سيكون من السهل البناء عليها ودعوة الأطراف الأخرى للمساهمة فيها بفعالية غير أنه من دون حوار حقيقي بين الفصائل الأساسية لن يتم بلورة الحل المطلوب بمعنى أنه ليس المطلوب عقد مؤتمر يكون بمثابة تجمع لكل فصائل المعارضة وإنما هناك حاجة إلى حوارات متعمقة تتناول كل المسائل المتعمقة التي تتعلق بمصير سوريا بعد سقوط النظام. -خامسا: لا خوف ثمة من حدوث فوضى بعد سقوط النظام نتيجة استمرار حالة التشرذم التي تسود قوى المعارضة وذلك على عكس ما تصور وسائط الإعلام ذلك على نحو مبالغ فيه خاصة أنها متوافقة على وثيقتي العهد الوطني وخارطة طريق المرحلة الانتقالية وثمة تواصل بين مختلف المكونات والأطراف في ظل ثقة قوية في أن السوريين قادرون في نهاية المطاف على تحديد مستقبلهم بأنفسهم. السطر الأخير: لي بنت اسمها منار تغزل في قلبي ثوب الأشعار تنشئني ربيعا في صيفي تطويني بين ظلال الأشجار تمنحني رشيق الحب لليل والأقمار تسكنني ياسمينة وحديقة أزهار