17 سبتمبر 2025

تسجيل

العدالة الغائبة في مصر

17 أغسطس 2016

يتجاوز عدد الضحايا الذين قتلهم نظام السيسي الانقلابي في مصر 10 آلاف إنسان، منهم 3 آلاف قتلتهم قوات النظام في ميدان رابعة خلال يوم واحد، وهي الجريمة التي اعتبرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأكثر عنفا وإجراما ودموية في يوم واحد، ما يعني أن السيسي تغلب على كل القتلة الكبار مثل هتلر وستالين والقذافي، وسجل رقما قياسيا عالميا في عدد القتلى خلال يوم واحد، ربما لا يشاركه فيه إلا نظام الأسد المجرم في سوريا. هذه المجزرة الكبرى التي تضاف إلى مجازر "النهضة" و"القائد إبراهيم" وسيارة الترحيلات، والمجازر اليومية في سيناء ضد السكان المدنيين الأبرياء، لكن "مجزرة رابعة" تبقى البقعة الأكثر سوادا وهمجية في تاريخ مصر الحديث. هذه الجريمة الكبيرة التي قادها السيسي ووزير داخليته محمد إبراهيم، والمجلس العسكري كله، واشترك فيها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية ورجال دين وكتاب ونخبة مثقفة فاسدة، وإعلاميين ورجال أعمال، وبلطجية، تكشف وحشية الجنرالات الانقلابيين وجنرالات العمائم الملوثة بالدم والأقلام التي تحولت إلى رصاص وسكاكين وخناجر، تطعن المعتصمين في رابعة والنهضة.. كلهم شركاء في الجريمة وسفك دماء الأبرياء من المدنيين العزل. انقلاب السيسي الغارق في الدم هو الجريمة الكاملة ضد الشعب المصري وإرادته وصوته وخياره، ومجزرة رابعة والمجازر الأخرى هي "تعميد بالدم" للانقلاب الذي سرق أحلام المصريين وحطم آمالهم العريضة بالحرية وحياة أفضل. عصابة الجنرالات الحاكمة في القاهرة حاليا، دشنت انقلابها في الثالث من يوليو، وصبغته بالدم القاني في 14 أغسطس 2013، لم تحتاج عصابة السيسي أكثر من 43 يوما لإغراق مصر بالدماء الطاهرة الزكية للمصريين الأحرار. هذه المجزرة تم التخطيط لها جيدا، ونفذت عن سبق الإصرار والترصد، ومهد لها الإعلام الفاسد، والكتاب الفاسدون، واشتغلت الآلة الإعلامية للتحريض على أنصار الحرية والشرعية والرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، لقد بدأ الجنرالات بنسج خيوط الانقلاب في ديسمبر 2012 كما كشفت التسريبات، أي قبل 6 شهور كاملة من تنفيذ المخطط الانقلابي الإجرامي، بمشاركة أنظمة إقليمية ودولية، وبمشاركة أطراف عربية وأمريكية وإسرائيلية، للتخلص من الرئيس الشرعي المنتخب الذي اختاره الشعب المصري. لا تزال العدالة غائبة في مصر، فمجزرة رابعة، والمذابح الأخرى مازالت بلا عقاب، فالقتلة لا يزالون يسيطرون على السلطة ويعيثون في الأرض فسادا، ومازال ما يسمى "المجتمع الدولي" يدعمهم ويقدم لهم الغطاء السياسي والاقتصادي، ويمنحهم كل يوم المزيد من الديون لسد العجز، والحيلولة دون إعلان إفلاس مصر، وتساعده على الإفلات من العقاب وطمس معالم مذبحة رابعة والمذابح الأخرى، وهي جرائم لا يمكن طمسها على الإطلاق، ولا تسقط بتقادم الزمن. هذا هو ما دفع 26 منظمة حقوقية دولية، إلى المطالبة في بيان مشترك لها، بـ"فتح تحقيق دولي شامل ومستقل حول مجزرة رابعة التي خلفت أكبر عدد الضحايا في يوم واحدٍ على مستوى العالم بأكمله، يقف فيه على ملابسات الفض، والتعامل مع المتظاهرين السلميين، وتحديد الأشخاص المسؤولين عن هذه الجرائم، وتقديمهم للعدالة الجنائية وعلى الجهات المعنية تبني الأمر، وعلى رأسهم "مجلس الأمن" و"مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة في جنيف، و"الاتحاد الإفريقي". وتصر هذه المنظمات الدولية على أن "دماء هؤلاء الضحايا لا تزال تبحث عن العدالة التي لم تتحقق، في ظل محاولات حثيثة من النظام الحاكم في مصر لطمْس معالم الجريمة، والسعي إلى إفلات مرتكبيها من العقاب، وسط صمتٍ دولي، يُرسل برسائل سلبيةٍ للمصريين ولشعوب المنطقة، بأن دماءهم وأرواحهم ليست على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان". انقلاب الجنرالات الأسود بقيادة السيسي هو الجريمة الأكبر بحق مصر والعرب، وكل المجازر التي ارتكبها إنما تعبر عن البنية الدموية لهذا الانقلاب، وهي بنية ستبقى ما بقي الجنرالات يجثمون فوق صدور المصريين، وأن الحل الوحيد هو بزوال هذا الانقلاب ومحاكمة منفذيه.