29 أكتوبر 2025

تسجيل

المجازر في الشارع العربي! مأساة مرحلة ؟

17 أغسطس 2016

في العالم العربي المتوتر أضحت الدماء المسفوكة في شوارع المدن العربية تعبيرا عن مرحلة عبثية بات يعيشها المواطن العربي، وهو ينتقل من مأساة لمأساة ومن كارثة لأخرى، فعواصم عربية تاريخية كدمشق وبغداد والقاهرة أضحت اليوم ميدانا تجريبيا لمختلف أنواع الأسلحة التي تجرب في الأجساد العربية بعبثية رهيبة وبمتوالية حسابية مؤلمة، فقبل أيام قليلة مرت الذكرى السنوية الثالثة لمجزرة (رابعة العدوية) الرهيبة والتي فقد الشباب المصري فيها المئات من الأرواح البشرية على أيدي أجهزة الأمن والشرطة المصرية لحكومة الانقلاب التي وضعت الشباب المصري الحر الرافض للهيمنة في قائمة الأهداف الكبرى باعتبارهم من أشد المخاطر التي تهدد الأمن القومي!، لقد دفع الشعب المصري في كفاحه الشعبي ونضاله خلال النصف الثاني من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين أثمان غالية وتضحيات رهيبة من أجل بناء النموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل ظروف صعبة وتحديات رهيبة في وجه أعتى آلة عسكرية واستخبارية تسلطت على رؤوس المصريين طيلة عقود زمنية طويلة حتى أنجز الشعب ثورته الكبرى في يناير 2011 والتي كانت حدثا أبهر العالم قبل أن تأتي الثورة المضادة وتسحق أحلام المصريين وتطيح بالشرعية الدستورية وتؤسس لطغيان فاشي بطريقة خداع سينمائية فاشلة!، لقد انتقمت الثورة المضادة من الشباب المصري عبر سفك دمائهم جماعيا في مجزرتي رابعة والنهضة وفي ظل تواطيء دولي مثير للريبة والأسف أيضا!، أنهم يحاولون اليوم طمس تلك الذكرى المأساوية والتغطية على تلك الجريمة البشعة عن طريق التدليس الإعلامي والخطاب المخادع!، ولكن التاريخ لن يغفر للقتلة والطغاة مهما أبدعوا وتفننوا في الكذب وممارسة فنون التدليس وخداع الجماهير؟ . وتظل مصر مرجلا يغلي، ويظل المصريون في حالة كفاح متصاعد كدأبهم عبر التاريخ، فذلك هو قدر الأحرار في كل مكان. أما في العراق، فإن حجم الدم المراق لا يمكن أن تستوعبه الكلمات مهما أفرطت وأبدعت في الوصف، فشلالات الدم المتدفق العبيط هناك أضحت ظاهرة تاريخية مرعبة لوطن ينزف منذ قرون وليس منذ عقود، وجرائم ما بعد الاحتلال الأمريكي وفواجعه قد فاقت في مأسويتها كل مآسي الملاحم الإغريقية، وهي لا تزال متجسدة اليوم عبر عمليات القتل والتفخيخ والتفجير والاغتيال والمجازر الجماعية، ولا يمكن للذاكرة الجماعية للعراقيين والعرب أن تنسى أو تتجاهل مجزرة الحويجة في ساحة الشرف والكرامة في ربيع عام 2014 حينما أمر رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب الدعوة الإرهابي الطائفي نوري المالكي بفتح النار على المحتجين السلميين والمطالبين بالعدالة والإصلاح، فقتل المئات منهم وحفر أخاديد للدماء وأسس لدعوات الانتقام، ومزق النسيج الوطني، مما أدخل البلد في دوامة صراعات رهيبة تجسدت بضياع ثلث الأراضي العراقية وبخسائر مهولة للعراقيين أجمعين، وبندوب وجروح نفسية لا يمكن أن تندمل في المدى المنظور على الأقل؟، فالرد على المحتجين عبر المجازر هو السنة الجديدة التي اخترعها الطغاة الجدد من العاملين في خدمة مشاريع التمزق الوطني وتقويض الأوطان وتقسيمها، أما ملحمة الثورة السورية فتظل علامة فارقة في تاريخ المجازر العربية والتي يحمي من يقترفها النظام الدولي للأسف، فجرائم نظام بشار موثقة ومعروفة للجميع، والثورة السورية الكبرى المقدسة لم تنطلق أصلا إلا لطلب الإصلاح وإنهاء الهيمنة وتأسيس سوريا الجديدة الحرة على أنقاض النظام الفاشي.