14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحضارة أنثى

17 أغسطس 2014

طلبت النساء من المجتمع وقوانينه الوضعية أن يقتدي بالإسلام الحنيف الذي لم يطلب من المرأة التقوقع في البيت للإنجاب وحسب، كما لم يطلب من الرجل أن يعود إلى حال الطبيعة الأولى كأي كائن موجود في البراري مستكين للبدائية يصطاد ويأكل ما تجود به الطبيعة؟ وتقول المرأة: أنا أقبل وألف أقبل أن أعود لأنني في تلك الحقبة من الزمن كنت أعمل بعقلي وأستثمر ما تجود به عضلات الرجل من طرائد فأُصنّع جلود الحيوانات وأجعلها مفارش وأغطية، وأنسج من شعرها ما يُفيد من الملابس، وأُعالجك بأعشاب خبرتها واكتشفتها بحكم أُلفتي مع الطبيعة، وأُصنّع الفخار وأعيش حالة من الفنّ البدائي الجميل وأُنمّي فكري الاقتصادي بمقايضة منتجاتي بمنتجات الآخرين وأعطيك نفحةً من الودّ والرأفة فترأف بالحيوانات الأليفة وتُدجّن الطيور، وأدلُكَ على حبة القمح البرّي وآلية زراعتها التي تُشبه كينونتي من حملٍ ووضعٍ فتستقر في الأرض وتزرع الى جانبي ونبدأ الحضارة من جديد.. حينذاك لن أكون مضطرةً الى الحيلة والكيد فأُصبحُ بنظرك شيطاناً تستعين بكل الكتب السماوية عليّ، وتقف أمام بابي دهوراً طويلةً دون أن تدخل أو تغادر. مع أنني ممكنة جداً بالبسمة والوفاء . سنضع القوانين المشتركة ولكن هذه المرّة سأُشرف بنفسي على تنفيذها لأنك ستكون ابني وتكون قد عُدْتَ مرهقاً تضع رأسك على كتفي، فهذه الدورة الزمنية من حقي لأجل حياة حرّة كريمة نرقى بها الى البحث والعلم والفنون لا الى الحروب والمجاعة والمنون.. هذه المرّة لن أتنازل عن حق الأم كي لا تستعبدني وتذلني فيما بعد، ففي الدورة الماضية منذ أسقطت حقي هذا بدأ تاريخ استذلالي. كنّا وضعنا الحضارة يداً بيد ولبنةً لبنة، لكنك كبرتَ في غييك وسخرّتَ كلّ الأمور - حتى تفاسير الأديان السماوية - بما يُرضيك ويُعطيك. وعندما ابتكرت لك اللغة منذ اللحظة التي ناغيتك قدمتها هدية لك، ولمّا كبرت حذفتني من قاموسك فأصبحتْ اللغة ذكوريةً ومُلك لك وحدك، ولم تنتبه أن الكلمة أنثى والكتابة أنثى والمحبة أنثى والحضارة أنثى.