18 سبتمبر 2025
تسجيلوشحت منظمة عالمية نزيهة صدر قطر بوسام جديد وهي منظمة "نامبيو" التي صنفت دولة قطر الأولى عالمياً في الحفاظ على الأمان الاجتماعي، حيث إن المجتمع القطري خالٍ تقريباً من الجريمة والانحراف وبعيد كل البُعد عن العنف والتباغض والأحقاد وتشكل العصابات والجريمة المنظمة. فتــصــدرت دولـــة قـطـر حسب المنظمة مــجــدداً قـائـمـة الــدول الأكــثــر أمــانــاً وخــلــواً مــن الــجــريــمــة عـلـى المـسـتـوى الــعـالمــي، طـبـقـاً لمـؤشـر الـجـريـمـة عـن النصف الأول مـن الـعـام الـجـاري 2020 الــصــادر عــن مــوســوعــة قــاعــدة الـبـيـانـات الـعـالمـيـة "NUMBEO"، وذلــك مـن بـين 133 دولة شملها التقييم. ويأتي تصدر دولة قطر المؤشر العالمي امتداداً لما حققته سابقاً من مراكز متقدمة خــلال الـفـتـرة المـمـتـدة مـن 2015 إلــى 2019، حيث أحـرزت المـركـز الأول عالمياً فـي عامي 2017 و2019، فيما حافظت على المركز الأول عربياً طوال ذات الفترة، الأمر الذي يعكس المستوى الثابت الذي ظلت تتمتع به الدولة فــي مـجـال الأمــن والانــخــفــاض الـكـبـيـر في معدلات ارتكاب الجرائم المسجلة بالبلاد. أما عنوان هذا المقال فهو نفس عنوان أول مقال نشرته لي جريدة الشرق الغراء في يناير 1991 حين كان رئيس تحريرها عميد الصحافة القطرية صديقي منذ الثمانينيات الأستاذ ناصر العثمان "بو محمد" حفظه الله ورعاه هو ومن جاء بعده من رؤساء التحرير إلى اليوم، وأنا منذ ذلك المقال أستحق عن جدارة لقب "أعرق كُتَّاب الشرق"، حيث كانت ظروفي آنذاك عسيرة بسبب ملاحقة النظام التونسي لي بالمحاكمات الكيدية ومطالبة (إنتربول) بالقبض عليّ واسترجاعي أنا ورفيق العمر الأستاذ محمد مزالي رئيس الحكومة الأسبق مكلبشين عن طريق منظمة (إنتربول)!، ولعل الجيل العربي الجديد لا يتصور مدى ما يعانيه اللاجئون العرب في أوروبا من ويلات، حيث لم تكن لدينا جوازات بل نسافر بوثائق اللجوء السياسي إلى دول محددة وكنا نخاف على حياتنا وحياة عيالنا في مطارات (الترانزيت) ولا ننام الليل مطمئنين. وكانت دولة قطر التي دعتنا في يناير 1991 إلى الدوحة أنا ومزالي رحمه الله وأكرمنا أميرها وولي عهده، هي الوحيدة من بين كل الدول العربية التي استقبلتنا ومنحتنا الأمان هي وفرنسا طبعا والدول الأوروبية، وكانت ظروف قطر والخليج والشرق الأوسط في عام 1991 شديدة الاضطراب بسبب استمرار احتلال الكويت الحبيبة من قبل صدام حسين، كانت تلك المغامرة الشريرة الطائشة هي التي جلبت الجيوش الأجنبية إلى الخليج وإلى الشرق ودمرت العراق وأحيت النعرات الطائفية ولكل هذه الأسباب كنا نعيش مرحلة مشحونة بالمخاطر الكبرى وانعدام الأمن. فجاءتني فكرة استهلال كتابتي في "الشرق" بمقال يحمل العنوان الذي وضعته لمقالي هذا بعد ثلاثين عاماً، حيث كنت ممنوعاً من النشر في صحافة بلادي والصحافة العربية جميعاً "المتضامنة في الاستبداد وتكميم الأفواه" ما عدا قطر التي كانت وما تزال لها رؤية مختلفة لطموحات الشعوب للحريات والديمقراطية والمشاركة المشروعة في سن السياسات واختيار من يحكمها، كان لي شرف أعتز به بالمساهمة في الأيام الأولى لانطلاق قناة الجزيرة التي شكلت تحولاً جذرياً لا في الإعلام العربي ولكن في السياسات والحضارة العربية بأسرها، لأنها فتحت أبواب التعبير الحر لكل مثقف عربي أينما كان وهو ما جعل الجزيرة مستهدفة (حتى أن غلقها وضعه محور الاستبداد والحصار شرطاً من شروط رفع الحصار!!) نحن الذين عشنا في المجتمع القطري من مختلف الجنسيات والأديان وكان من نعمة الله علينا أن واكبنا نهضتها وخدمناها بأمانة وعرفنا أهلها وشاركنا في تنميتها وتعليمها وجمعياتها ندرك أكثر من سوانا منزلة هذه الدولة المضيافة في قلوب العرب والمسلمين ونعرف مدى وزنها الحقيقي في المعادلات الدولية، كما نتابع أيام الأزمات التي فرضها بعض (الأشقاء) الضالين وانعكاساتها التي قلبها الشعب القطري بقيادة أميره المفدى مكسباً سياسياً واقتصادياً. نشأت قطر بلداً آمناً في الجزيرة العربية منطلق النبوة الخاتمة ونقطة البداية في انتشار الدين الحنيف وتوزيع خيرات حضارته على جميع أرجاء المعمورة، ثم أضافت قطر بحكمة قيادتها لهذا القدر الجغرافي الرباني جهداً إنسانياً مباركاً حين وهبها الله ثروات الغاز الطبيعي وهي طاقة المستقبل يحتاجها العالم ويتوقف عليها نمو الدول وهي ضمانة لمسيرة الاقتصاد العالمي، كما أنها ضمانة للسلام والأمن الدوليين فلم يفتن أهل قطر بما وهبهم الله من ثروات طبيعية بل سخروها لبناء تقدم عمراني وبشري وثقافي ورياضي وقدموا يد العون للشعوب قاطبة دون منّ أو أذى وراهنوا على الإنسان كخليفة لله في الأرض ولكن أيضا كمواطن عربي مسلم واتجهت جهود الإخوة القطريين لإشاعة الأمن والخير والتعاون والتشغيل والتنمية في كل بلدان العالم العربي والإسلامي وهو ما حصلت به قطر اليوم على أول درجة في الأمن والأمان.