14 سبتمبر 2025

تسجيل

حلمه صلى الله عليه وسلم

17 يوليو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من الأخلاق التي ازدانت بالنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وبها عرف خلق الحلم، والحلم هو كمال الصبر على الأذى، مع كمال القدرة على رد الإساءة لصاحبها.وكان للنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ في ذلك النصيب الأوفر، والقدر الأكبر، حياته بذلك شاهدة، وسيرته به ناطقة، من عاينه تعجب من كمال حلمه، ومن أبصره أذهله سعة صبره . ولذلك سأل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أصحابه عن الرجل القوي : ((ما تعدون الصرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا يصرعه الرجال. قال: ليس بذاك، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)). البخاري ومسلم . ليخبرهم أن من ملك نفسه، وكظم غيظه، ولم يكن أسيرًا لهواه، أوعبدًا لرغباته هو الصرعة كل الصرعة، والقوي كل القوي .وأخبر ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أشج عبد القيس بمكانة الحلم عند الله تعالى، ومنزلته في شريعة الإسلام، عندما قال له : ((إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة)) مسلم.وقد جسد سلوك النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ العملي، وأظهرت سيرته العطرة ذلك الخلق العظيم، فقد كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يسير ((وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه جذبة شديدة ـ يقول أنس: حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء)) البخاري ومسلم ،هكذا يسيء الأعرابي الطلب، فيحسن النبي الإجابة، ويجسد الأعرابي الجفاء، ويبرز النبي السماحة، فما كان جفاء الأعرابي ليمنعه حقًّا هو له، ولا كانت غلظته لتدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحدر إلى طبع من يجازي السيئة بمثلها.وقريب من ذلك العنف البدني حَلُم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ على العنف المعنوي، عندما جاء أعرابي آخر قائلاً: ((إني سائلك، فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد عليَّ في نفسك. فقال: سل عما بدا لك)) البخاري .ومن حلمه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وصبره على أذى السفهاء، ما أثر عنه يوم حنين حين ((آثر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ناسًا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب، وآثرهم يومئذٍ في القسمة، فقال رجل: والله، إن هذه لقسمة ما عُدِل فيها، وما أريدَ فيها وجه الله... فتغير وجهه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حتى كأنه الصرف، ثم قال: فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله، ثم قال: "يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر"( البخاري ومسلم ). فلم يبطش به، ولا نكل بمن حوله، ولا عاجله بعقوبة تردع أمثاله،إنما تذكر النبي صلى الله عليه وسلم عنت بني إسرائيل وأذاهم لنبي الله موسى، وذكر صبر نبي الله موسى عليهم، فامتطى صهوة الحلم، وامتشق سيف الصفح، ثم أعرض عنه.