14 سبتمبر 2025

تسجيل

دجل الإعلام الهادف

17 يوليو 2013

(إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم. تتطور الحياة، وتتعدد سبل الاتصال ووسائل التواصل بين أطراف العالم المترامية، لتجمعنا نحن البشر بعقلائنا ومجانيننا ما يسمى بالقرية الصغيرة، القرية المعروفة التي أظن أن المثل الشعبي كان يعنيها قديمًا عندما قال (كلنا عيال قريّة وكلٍ يعرف أخيّه). ثم انفتحت الطرق بين عالمنا والعوالم الأخرى، إعلام، قنوات فضائية، محطات إذاعية..الخ و كعادة الأشياء في الحياة، فهناك الغث والسمين، الرديء والجيد، الصريح والمنافق. يستطيع المتلقي بالنزعة الفطرية، وبداهته العقلية أن يفرق ما بين كل تلك الأصناف، ليأتي الهوى يجرف كل صاحب إلى مبتغاه، ورغبته التي يسير عبرها في طرقات الحياة الطويلة. و لكن، كيف لو أن حيزًا مزيفًا حل في هذا الكون الإعلامي، ليستقطب جمهورًا من البسطاء، جذبهم من عقولهم ستار الدين، الستار الذي في ظاهره الرحمة، وفي داخله الكذب والنفاق. و لعلي هنا أشير بصورة واضحة إلى بعض من يدّعي مفهوم " الإعلام الهادف "، وهو المسمى الذي ظهر مؤخرًا ليتلاعب بعقل المتلقي الذي يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه! يقول جلال الدين الرومي " إن الرجل اللئيم يسرق لغة الدراويش ليتلو على البسطاء أسطورة منها يخدعهم بها". فأن تُفتح قناة تستقطب النساء أكثر من الرجال، تتكسب من ورائهن الأموال، في شريط دردشتها، وبرامجها الواقعية التي تأتيهم بصبغة دينية، ومجموعة مواعظ وقصص، هذا عين الضلال! فهل غفلوا وهم أهل الإيمان عن قول الله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).. وقد فسر الشعراوي هذه الآية، بأنهم أولئك الذين يصرفون أذهان الناس بالقصص عن منطق القرآن، وهذا حمق بيّن. فـ " يشتري" هنا: تدل على أنه "طلب"، وقد رأينا بالعقول والأبصار كيف أن تلك القنوات تطلب أموال الناس بدافع التصويت في برامج الواقع التي تُقام بهدفِ جمع الأموال وسرقتها من جيوب العامة، أليس ذلك اتجارا واضحا بالدين؟ فكيف لفرسان الإعلام الهادف أن يخرجوا من وقارهم، ويترجلوا لشحذ المال من المساكين والمسكينات بقصد تشجيعهم أو إنقاذهم من الخروج الأسبوعي الذي تحتمه سياسة المسابقة؟! لعل العاقل الذي ينظر إليهم فيردد في ذاته أنه "لا بقاء".. لا بقاء للنفاق وللشحذ وللتستر بالدين لقضاء الحاجة الشخصية. لا بقاء للعقل المستعار الذي لا يجتهد في التبصر، ولا يلجأ للشك، ولا يؤمن أن ثمة يقينا هالك، كهذا الذي يعبء رؤوسهم. إنني أكتب ذلك وأنا أنفض مني ما علق من ذلك الطريق، عندما حدث ومررت بقصد الاستطلاع، نهضت وأنا أنجذب إلى السماء، أنشد يد الله، فيقطع بعدها كل يد تريد أن تمتد إلى عقلي لتعبث به.