11 سبتمبر 2025
تسجيلكانت أمامي، تحمل رضيعها على عجل، تغطي رأسه تحت خمارها لئلا تُهاجم رئته الغضة سحابةً مثقلة بالسموم، دخلت المجمع، فأطل الطفل برأسه، نظرته البريئة كانت تقول كنت مختنقاً، أما لسان حالها فقال من له حيلة فليحتال. كانت تحاول أن تحميه من سحب النيكوتين المتكدسة عند أبواب المجمعات التجارية، بينما يقف المدخنون كحراس على رئات الناس، لا يلجون السوق إلا بعد إتلافها، وبث الخبائث فيها، ولكأن الأرض ضاقت عليهم بما رحبت.. ولعلي هنا لست بصدد ذكر مساوئ التدخين ومضارها، إذ أنها تعتبر حرية شخصية إذا كان الضرر الواقع لا يتعدى دائرة الشخص المدخن. ولكن أن تتسع الدائرة، لتدخل ضمن التدخين السلبي، فيضر القريب والبعيد، الطفل والكهل، المريض والمتعافي، فذلك غير مقبول البتة. إن بوابات المجمعات التجارية، هي ليست واجهة السوق فقط، بل هي واجهة البلد بثقافتها وتطورها، هي ثقافة احترام الإنسانية ذاتها، وعدم المساس بها، إذ أن جزءا من الإنسانية هي العافية، بيدَ أن سحابة النيكوتين هي أول عدو للعافية. إن أطفالنا أمانة في أعناقنا، ولعل أغلب الأطفال يعانون من أمراض حساسية الصدر والربو، ولا شك أن تلك اللحظات في حال دخولهم وخروجهم أو حتى انتظارهم للسيارات عند الأبواب تضرهم وتتلف رئاتهم، وتضعف أكسجين أجسادهم، والمقابل، سيجارة عابثة.. ولأنني أرى في ذلك إشكالاً ومنغصاً، للبلد وثقافتها وحضارتها، معكراً لجوها وصفائها وهدوئها، مؤذياً لأطفالها، وشبابها، وكهولها، فكان لزاماً على الحروف استنكار ورفض ما يبث من سموم وإتلاف الرئات والعافية. ولعلي أقترح تخصيص غرف خاصة بالمدخنين، بعيداً عن البوابات والمخارج، يمارس فيها المدخن رغبته الكاملة بدون أي أذى لغيره، كذلك منعهم من إشعال سيجارةً واحدة في تلك الأماكن، ومعاقبتهم في حال المخالفة. أعلم أننا لسنا في المدينة الفاضلة، وأن كل بقعة على الأرض تحوي من النقص والقصور الشيء المهول العظيم، ولكن فليُدرج مقالي هذا تحت بند { إماطة الأذى عن الطريق صدقة }