12 سبتمبر 2025

تسجيل

الإحساس بالآخرين فضيلة

17 يوليو 2011

وسط تلك الموجة الحارة التي تشهدها المنطقة دائما ما اذكر وأفكر في العامل أيا كان موقعه ومكانه ماذا يفعل وسط ذلك اللهيب؟ صحيح أن هناك قرارا وزاريا من وزارة العمل بتحديد ساعات العمل وضرورة توقف العمال في الأماكن المعرضة للشمس من الحادية عشرة والنصف تقريبا حتى الثالثة عصرا ولكنني أعنى أيضا العمال الآخرين في المطاعم والمحال والبيوت أيضا والذين تطلب منهم أعمال لساعات طويلة ربما تفوق احتمال البشر ويضطرون إلى انجازها حفاظا على لقمة العيش كما يقولون وأجدنى أقول: لابد أن نشعر بالآخرين وان نضع أنفسنا مكانهم ساعتها والله لن نطلب منهم مثل ما نطلب فعلى سبيل المثال لا الحصر معظم شكاوى العمال تكون في تأخير الرواتب ربما بالأشهر والعمل لساعات طويلة وعدم تهيئة مناخ مناسب بآدمية وكرامة للعامل واسأل ثانية: هل لو وضعنا مكانهم نرضى بتأخر رواتبنا أو نعامل بعنف وغلظة أو نجبر على العمل لأكثر من 16 ساعة متواصلة كما اخبرني احد عمال مطعم شهير؟ وهنا لابد أن نعود إلى الإسلام الذي أعز العامل ورعاه وكرمه، واعترف بحقوقه لأول مرة في تاريخ العمل، بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية، وفي البعض الآخر معناه المذلة والهوان. واتفق كثير من العلماء على تلخيص حقوق العامل في عدة نقاط جوهرية فاصلة حاكمة لخصها هذا البحث عن حقوق العامل في الإسلام ومن أول هذه الحقوق حق العامل في الأجر حيث ان الأجر أهم التزام ملقى على عاتق صاحب العمل، ولذلك عني به الإسلام عناية بالغة، وقد ورد الأجر في القرآن الكريم في خمسين ومائة موضع، وجاء وروده بالمعنى المتداول في الحياة العملية، كما ورد في أسمى المعاني وأكثرها تجرداً في شؤون الحياة الدنيا وعرضها الزائل، ومن الأمثلة على المعنى المتداول في الحياة العملية قوله تعالى: "قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله" (سبأ: 47). وفي موضع آخر من قصة شعيب وموسى: "... قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا" (القصص: 25). وفي هذين المثلين الأجر: هو ما عرفناه من عوض المشقة أو جزاءً عن الخدمة، ثانياً: حق العامل في الحصول على حقوقه التي اشترطها صاحب العمل: يجب على صاحب العمل أن يوفي العامل حقوقه التي اشترطها عليه، وألاّ يحاول انتقاص شيء منها. فذلك ظلم عاقبته وخيمة، اى بالمعنى الدارج تنفيذ بنود العقد والاتفاق كما كتبت ومما اتفق عليها. ثالثاً: حق العامل في عدم الإرهاق إرهاقاً يضر بصحته أو يجعله عاجزاً عن العمل: يجب على صاحب العمل عدم إرهاق العامل إرهاقاً يضر بصحته ويجعله عاجزاً عن العمل، ولقد قال شعيب لموسى عليه السلام حين أراد أن يعمل له في ماله: "..وما أريد أن أشق عليك". ( القصص 27). رابعاً: حق العامل في الاستمرار في عمله إذا نقصت مقدرته على الإنتاج فليس لصاحب العمل أن يفصل العامل عن عمله إذا انتقصت مقدرته على الإنتاج لمرض لحقه من جراء العمل أو بسبب هرم العامل وشيخوخته. وكما يقول هذا البحث المهم ما تضمنه حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أن رجلاً أرهق جملاً له في العمل فهرم فأراد أن يذبحه ليستريح من عبء مؤونته، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: "أكلت شبابه حتى إذا عجز أردت أن تنحره"، فتركه الرجل. والحقيقة أن الإسلام منح العامل حقوقا كبيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكن مقالي هنا فقط للتذكير حتى نضع أنفسنا مكان العامل فنحن لا نعلم انه يحتاج إلى راتبه كل شهر ليصرف أمور حياته ولكن منا من يؤخر الراتب وإذا سال يقول لا ضير ما المشكلة أنا لن آكل حقه وحتى إذا كان مصيبا فهذا العامل وراءه نفقة وأهل يرسل لهم راتبه أو جزءا منه. إن الجوع والحاجة لا يصبران عليه فكيف نطلب منه الصبر؟! وأخيرا أهم شيء اذكر به نفسي هو معاملة العامل أو الخادم الضعيف كابن أو كأخ والمحافظة على كرامته وليكن لنا في رسول الله أسوة حسنة في خادمه وكيف كان يعامله فقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأكل مع الأجير ويساعده في احتمال أعباء ما يقوم به من عمل ولا يشق عليه ودائما المودة والابتسامة هي عنوان تعامله معه فلنتق الله في عمالنا وخدمنا حتى يرحمنا رب العباد يوم الحساب ألا قد بلغت اللهم فاشهد. [email protected]