12 نوفمبر 2025
تسجيليعرف خطاب الكراهية بأنه: تصريح بالقول، أو الكتابة، أو الإشارة بما يدل على الانتقاص من الآخر بسبب دينه، أو عرقه، أو لونه، أو جنسه. وهذا الخطاب بهذا المعنى محرّم في الإسلام، ومناف لتعاليمه وقيمه، وذلك لأن الإسلام جاء لرفع الظلم عن الناس، ولتحقيق المساواة في الأصل، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بمنى في حجة الوداع: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد (عزّوجل) واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلاّ بالتقوى...). والنصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تدل بوضوح على حرمة الاستهزاء والسخرية بأي شخص، فكل كلمة مقروءة أو مكتوبة، أو مرئية أو منشورة في الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي إذا حملت بين طياتها الكراهية، والازدراء والسخرية والاستهزاء فهي محرّمة بالإجماع، بل حرّم الله تعالى ذلك حتى ولو بالإشارة، أو اللّمز والهمز فقال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ). أما الخطاب الإسلامي فهو يراد به كل وسائل التعبير عن هذا الدين داخل العالم الإسلامي وخارجه، سواء كانت وسيلة التعبير الكتابة، أم القول، أم الإشارة، وسواء كانت الوسيلة معاصرة، أم قديمة. وهذا الخطاب بهذا المعنى الشمولي يحمل أهمية ومسؤولية كبرى على الفرد والجماعة والدولة والأمة الإسلامية جمعاء، لأنه المعبر عن الإسلام وموصله إلى الآخر، وبالتالي فكل تبعاته وآثاره يتحملها قائلها أو كاتبها فقال تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).ولذلك أولى الإسلام عناية قصوى بدقة التعبير وعدم اشتماله على أي إيذاء أو تعبير لا تصريحاً ولا كتابة ولا تلميحاً ولا تعريضاً، فقد قال النبي صلى الله عليه: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)، فالكلمة في الإسلام مسؤولية ويترتب عليها نتائج خطيرة، ولذلك يجب على صاحبها أن يفكر فيها قبل أن يبرزها تفكيراً عميقاً من جميع جوانبها، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ - بعدما نصحه عن أسباب الجنة ..-: (ألا أخبرك برأس الأمر كلّه، وعموده، وذروة سنامه ... ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كفّ عليك هذا. فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يُكبّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم).