16 سبتمبر 2025

تسجيل

تنامي فجوة الثقة!

17 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في العشرين من شهر سبتمبر المقبل سيتوجه الأردنيون إلى صناديق الانتخابات؛ للتصويت على المرشحين لنيل عضوية المجلس البرلماني القادم، وهي مناسبة بالنسبة للأردنيين لإعادة تقييم التجربة برمتها. ومع إيماني الشديد بحق الأردنيين في التصويت إلا أن هناك ملاحظات عامة لابد من التوقف عندها.في البداية لابد من الإشارة إلى حقيقة أن المجالس النيابية منذ عام ١٩٩٣ لغاية اليوم كانت قد أخفقت بشكل لافت في الرقابة على أداء الحكومات أو التشريع لصالح المواطن، ولهذا علينا ألا نستغرب أن معدلا أقل من ١٥٪ فقط من الأردنيين عبروا عن رضاهم عن أداء المجالس النيابية المتعاقبة. والمواطن إجمالا يتمتع بمستوى عال من الذكاء وهو يعرف جيدا أن السادة النواب ما إن يصلون إلى البرلمان حتى يتنصلوا من عهودات كانوا قد قطعوها على أنفسهم ويبدأون مرحلة تتسم بالامتثال لأوامر وتعليمات الدولة العميقة.كثيرة تلك الأسباب التي دفعت النواب إلى الامتثال للحكومات وعدم التصرف باستقلالية عن مواقف الدولة في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والتشريعية، وهناك فريق برع في إلقاء اللوم على قانون الانتخاب الذي عدل مرارا لكنه لم يساهم أبدًا في تجويد العمل النيابي. والحال أن أغلب النواب يتم انتخابهم مرة أخرى لدرجة أنه يصعب التعرف على من خرج ومن بقي في نهاية الأمر. لكن تحميل قانون الانتخاب اللوم هو أمر أريد له أن يكون كسحابة دخان للتغطية على واقع سياسي قاتم يتسم بغياب الإرادة السياسية عن الدولة الأردنية في تمكين الشعب.فالأصل أن يكون الشعب هو مصدر السلطات كما هو منصوص عليه بالدستور، وبهذا المعنى كان ينبغي أن يكون مجلس النواب هو المؤسسة الأهم التي يمكن لها خلق توازن السلطات الإيجابي وهو أمر لم يعرفه الأردنيون على مدار تاريخهم الحديث إلا في استثناءات قليلة ولمدة وجيزة. وزاد من الطين بله، أن هناك من النواب الذين كان يعول عليهم نظرا لتنظيرهم في السابق لصنع الفارق إلا أنهم جميعا وقعوا في حضن الدولة، فاليساريون أصبحوا جزءا من الدولة العميقة في حين خذل الإسلاميون الشارع لعجزهم في مجرد التفكير في الاشتباك الإيجابي مع قوى مجتمعية أخرى تنشد الإصلاح الحقيقي. وبات واضحا في الأردن أن الإسلاميين يريدون الشراكة في السلطة وليس الإصلاح وثم فرق كبير بين الأمرين! هناك يمكن فهم تنامي فجوة الثقة بين المواطن الأردني والبرلمان، فالناخب لا يهتم لشأن البرلمان لأنه يعرف مسبقا بأن أعضاء البرلمان لن يغيروا في الواقع، ففي عهد البرلمان الحالي ارتفعت المديونية مقدار عشرة مليارات دولار دون أن يكون للبرلمان القدرة على مجرد فهم ما يجري، ناهيك عن تمكن الحكومة من رفع الدعم عن كل السلع الأساسية وغيرها دون أن يتمكن البرلمان من الحد من تغول الحكومة على قوت المواطن البسيط في وقت تعجز في لجم طمع الفاسدين.صحيح أن الانتخابات القادمة ستجري وفقا لقانون جديد، لكن هذا القانون لن يفرز تركيبة برلمانية مختلفة عن سابقتها لأسباب كثيرة ما يعني أن نفس البنية الذهنية التي سيطرت على المجالس النيابية السابقة ستستمر دون توقف، وإن تغيرت بعض الوجوه. ولأن هذا الأمر يعرفه الأردنيون جميعا نجد أن الغالبية من الناخبين تقدم الهويات الفرعية كعامل يتحكم بالسلوك الانتخابي للمواطن وهنا نفشل مرة أخرى في تقديم الهوية الوطنية الجامعة.والأمر الآخر الذي بات مدار حديث في الأردن في السنوات الماضية هو سيطرة ما يسمى بـ"المال السياسي"، إذ أصبحت ظاهرة شراء الأصوات أمرا لا يمكن غض الطرف عنه، والدولة لغاية الآن لم تتمكن أو لم ترغب في محاسبة أي شخص متورط بالمال السياسي لأنها تريد أن تكون نسبة الاقتراع مرتفعة وهي بذلك لا يمكن لها محاسبة المتلاعبين بالمال السياسي لأنهم يساهمون في رفع نسبة الاقتراع.باختصار، ستجري الانتخابات في موعدها المقرر لكن على الأرجح أن لا يشكل البرلمان القادم النقلة المرجوة ولن يتمكن من صناعة الفارق المنشود، وسينقلب الشارع الأردني على البرلمان بسرعة كما جرت العادة، ولو توفر في الأردن مراكز مستقلة تقيس رضا الأردنيين عن البرلمان لتبين أن البرلمان هو أقل مؤسسة تحظى باحترام الشارع.