31 أكتوبر 2025
تسجيلمع أن كبير السن قد ازداد خبرة ودراية وحكمة ومع أنه قد يكون قد ازداد مالا وجاها، إلا أنه لا شك يعاني صورة واضحة من صور الضعف وذلك في صحته وجسمه، وقد يكون في شكل آخر من أشكال الضعف الكثيرة، والله عز وجل بين لنا ذلك فجعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ولهذا الضعف أوْلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية خاصة لكبار السن ليعظم عند المسلمين قيمة الشيخ الكبير، حتى إنه ليقدمه على حامل القرآن وعلى الحاكم العادل مع عظم قدرهما وسمو مكانتهما، فالمسلم يستروح نسمات الهداية من خلال تلاوة القرآن الكريم في مثل هذه الأيام الطيبة أيام شهر رمضان المبارك فيزداد القلب نورا وهداية، فإن القلب هو وعاء الإيمان وقوام صلاح جسم الإنسان ،فكلما كان منيعا قويا كان صاحبه قويا وكلما هزل وضعف صار صاحبه هزيلا ضعيفا ،فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب)رواه البخاري.فالثقافة الأسرية مسؤولية اجتماعية وذلك لأن المسؤولية التي تمسك بناصية كل فرد منا في المجتمع الإسلامي،مسؤولية عظيمة وجليلة لأن كل إنسان سوف يسأل أمام الخالق عز وجل، فمن أولويات الثقافة الأسرية تعويد الصغير على احترام الكبير، لذا يجب البدء بالكبير في الأمور كلها كأن يتقدم الكبير على الصغير في صلاة الجماعة، وفي التحدث إلى الناس وفي الأخذ والعطاء عند التعامل، والترهيب من استخفاف الصغير بالكبير، فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث لا يستخِف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم وإمام مقسط)رواه الطبراني، الحياة في نظر الإسلام جد وعمل و بناء وليست هزلا و فراغا و لهوا، كما أن الإسلام أوصى بكيان الأسرة وبنائها على القيم والآداب و أعلى مكانتها، وأمر قائديها أن يعرفوا دورهم في الحياة ،وأن تقف عند الحدود التي رسمتها لها الشريعة ،لتستطيع أن تؤدي رسالتها وتقوم بدورها على النحو الأفضل، لذلك أمرنا الهدي الإسلامي القويم أن توضع الأمور في نصابها الحقيقي وإعطاء كل ذي حق حقه وتنشئة النشء على قيم الإسلام وآدابه وتعويدهم على توقير الكبير وعدم الاستخفاف به كأن يهزأ به ويسخر منه ويوجه كلاما سيئا إليه، ويسيء الأدب في حضرته وينهر ه في وجهه وكم من مناظر يندى لها الجبين نشاهدها في الطرق ووسائل السفر المختلفة ونجبر على سماعها من داخل البيوت على ما يقال فيها تدمى لها القلوب، و وجوب الاستحياء من الكبير لأن الحياء خلق يحث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق الكبير، فمن عظيم التقدير والاحترام إنزال الكبير منزلته اللائقة به، فإن في شريعتنا الحنفية السمحة أخلاق عالية وأدب عظيم وفضائل عدة، لكن المصيبة هى غفلة كثير من المسلمين عن هذه الأخلاقِ والقيم وتناسيهم لها وعدم عملهم بها، فينشأ النشء من غير أن يقيم لتلك الأخلاق وزنا، وكان المطلوب منا جميعا أن نربي نشأنَا التربيةَ الإسلامية الصحيحة على الأخلاقِ الإسلامية التي يسعد بها الفَرد في حياته وآخرته، فإن توقير الكبير ذي الشيبة المسلم سمة من سمات المجتمع المسلم، فما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه، فالاحترام قيمة رائعة تجعل للحياة روحا ومعنى فهي نظام راقٍ،وهذه القيمة كطبيعة كل القيم وجب أن تكون ثابتة ومستقرة ،ولا تتغير بتغير الزمن أو الظروف والأحوال، بل يجب أن يكون الالتزام بها سلوكا طبيعيا، يحرص الجميع عليه برضا نفس وطيب خاطر وبنية التعبد لله تعالى.