14 سبتمبر 2025

تسجيل

شهر الصبر

17 مايو 2019

رمضان شهر الصبر والمصابرة على مشقة الصيام لذا يُطلَق على رمضان مدرسة الصبر. فالصوم تعويدٌ على الصبر، وتمرين عليه، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((الصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ)) [أخرجه الترمذي]. فيجتمع في رمضان كل أنواع الصبر: صبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم الله، وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة، وتجتمع هذه الثلاثة كلها في الصوم، فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا عما حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن. فرمضان يوضح لنا الارتباط العظيم بين الصوم والصبر، وأن الصوم سبيل إلى اكتساب خُلُق الصبر، ذلك الخُلُق العظيم الذي أمر الله به وأعلى شأنه وأكثر من ذكره في كتابه، وأثنى على أهله القائمين به، ووعدهم بالأجر الجزيل عنده. قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. فالصائم المُحتسِب إذا أذاه أو شتمه أحد فإنه يكظم غيظه ويصبر على الأذى ولا يغضب، ولا يُقابل الإساءة بمثلها، ولا تضطرب نفسه، فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه: إني صَائم، افعل ما شئتَ فقد عاهدتُ ربي بصومي أن أحفظ لساني وجوارحي، فالصائم المحتسب الصابر لا يثور لأتفه الأسباب كحال مَن لم يتسلَّحوا بالصبر، ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان، فيخرجون عن طورهم، وتثور نفوسهم، وتضطرب أعصابهم. أما الصائم الصابر فتراه هادئ النفس، ساكن الجوارح، رضيَّ القلب. والصائم المحتسب يطرد روح الملل، لأن صيامه لله وصبره بالله، وجزاءه على الله. ومن هنا يتضح لنا أثر الصيام في اكتساب خُلُق الصبر، فإذا تحلَّى الإنسان به كان جديرًا بأن يفلح في حياته، وأن يقدم الخير الوفير لأمته، ويترك فيها الأثر الكبير. اللهم جمِّلنا بالصبر واجزنا جزاءَ الصابرين يا رب العالمين.