16 سبتمبر 2025

تسجيل

الثورة تتطهر من أدرانها

17 مايو 2014

لم يكن الخطاب – المقال الذي أرسله أحمد ماهر زعيم حركة 6 أبريل من سجنه، سوى الغطاء الذي كشف عن الخيانة الكبرى التي تعرضت لها ثورة يناير من قبل بعض المنتسبين إليها، الذين آثروا الاستسلام لعودة المؤسسة العسكرية لحكم مصر مرة أخرى وذلك في مقابل التخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين في إطار صراع متعدد الأبعاد: سياسي، ديني، أيديولوجي.فقد كشف ماهر في هذا الخطاب عن معرفة حركته، وبالطبع معظم الحركات الشبابية والأحزاب السياسية التي تحمل خصومة سياسية لجماعة الإخوان (هناك اعتراف آخر من نبيل أحمد ناصف أحد منتسبي حزب الدستور) بموعد الانقلاب قبله بشهور. ولم يعترضوا، بل وشاركوا فيه من خلال حشد المواطنين ضد الرئيس مرسي لدفعه إلى الاستقالة وتقديم المبرر للجيش للاستيلاء على السلطة.كانوا يعتقدون أنهم بذلك يقدمون خدمة للثورة والوطن، حتى إن ماهر كتب على حسابه على الفيسبوك يوم 3 يوليو الماضي بعد إذاعة بيان الانقلاب، أن ما حدث هو تصحيح لمسار الثورة وأن "خارطة الطريق" التي وضعها قائد الانقلاب، أحيتها من جديد.وكانوا يعتقدون أيضا، كما قال ماهر في سياق خطابه، إنهم سيسلمون من أذى العسكر بعد تسلمهم السلطة لأنهم شاركوهم في هذا الانقلاب، وأن الدماء التي ستسقط ستكون فقط من دماء التيار المؤيد للإخوان والرئيس.لم يتوقعوا أن الدماء حينما تسقط لن تقتصر على تيار بعينه، بل ستشمل الجميع، فهذه هي طبيعة حكم العسكر في كل زمان ومكان، لا يعترف بأصدقاء أو شركاء، هو يريد عبيدا فقط لأنه السيد الوحيد الذي لا يقبل أي منافسة من أي نوع حتى لو كانت في التفاصيل وليس في المبادئ العامة.لذلك لم يكن غريبا أن يسقط أحد أعضاء الحركة برصاص العسكر، أو أن يتم اعتقال العديد منهم بتهمة الخروج على قانون التظاهر والحكم عليهم بثلاث سنوات سجن. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى اتهام الحركة بالخيانة والعمالة للخارج وتلقيها أموالا منه من أجل إسقاط السلطة القائمة، تمهيدا لحظر الحركة، وهو ما حدث بالفعل بصدور حكم قضائي من القضاء التابع لسلطة العسكر. إن خطاب ماهر واعترافات الآخرين بخيانة الثورة، يأتي في إطار تطهر الثورة من أدرانها التي علقت بها، والتي لم تكن تسمح لها باستكمال مسيرتها في إسقاط ما تبقى من النظام الذي قامت ضده وتطهير مؤسسات الدولة من ذيوله.ولقد جاء الانقلاب العسكري ليكشف عن كل هذه الأدران حتى يعطي الفرصة للثوار الحقيقيين بالقضاء عليها، وهو أمر كان يحتاج لعشرات السنين لتنفيذه لو لم يقع هذا الانقلاب. فرب ضارة نافعة.