31 أكتوبر 2025

تسجيل

الإعلان الرسمي عن سقوط دولة العسكر

17 مايو 2013

"الجيش نار لا تلعبوا بها أو معها.. القوات المسلحة ملتزمة بالبعد عن السياسة .. أنا لا أستطيع مقابلة الله بدم المصريين".. هكذا حسم وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الجدل الذي شهدته الساحة السياسية في الشهور الأخيرة حول مطالب المعارضة بعودة الجيش إلى العمل السياسي مرة أخرى وانتزاع مقاليد حكم البلاد من الرئيس محمد مرسي. ودعا السيسي القوى السياسية إلى العمل على إيجاد صيغة للتفاهم فيما بينهم، بعيدا عن فكرة استدعاء الجيش التي قد تحول مصر إلى أفغانستان أو الصومال، مشددا على أن "الجيش المصري قوة قاهرة لا تستخدم إلا لحماية الشعب ولا أحد يجابه الشعب ومن يفعل ذلك يهدم بلده"، مؤكدا أنه يجب على من يطالب باستدعاء الجيش اللجوء إلى صناديق الاقتراع لتحقيق التغيير الذي يطلبونه، "فالوقوف 10 أو 15 ساعة أمام صناديق الانتخابات أفضل من تدمير البلد". لقد جاءت كلمات وزير الدفاع حاسمة وقاطعة كالسيف هذه المرة ليوقف سيل الدعوات المتكررة من المعارضة لعودة الجيش إلى الساحة السياسية من أجل إنهاء حكم الرئيس مرسي والإخوان، متناسية أنها منذ أشهر قليلة كانت تخرج في مظاهرات صاخبة تطالب بإنهاء حكم العسكر الذي تسلم قيادة البلاد عقب تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك. ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى الدخول في صدام عنيف مع جنود وضباط الجيش كما حدث في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها. واتهموا التيار الإسلامي وجماعة الإخوان التي رفضت المشاركة في هذه التظاهرات والاشتباكات، بالتواطؤ وخيانة الثورة. وهنا يجب التأكيد على أن هدف قوى المعارضة من دعوة الجيش للنزول مرة أخرى ليست حبا في حكم العسكر بقدر ما هي محاولة لخلق صدام مع الرئيس والإخوان ينتهي بإقصائهم عن السلطة وسيطرة الجيش عليها، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة تلجأ فيها المعارضة لنفس الأساليب السابقة في خلق ظروف الصدام مع الجيش لحمله على ترك السلطة لها. ولذلك كان وزير الدفاع واضحا في التأكيد على أنه يعرف جيدا ما يدور في الساحة السياسية، وأنه لن يسمح باستدراجه أو الجيش مرة أخرى، لأن هذا سيعني الدخول في حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس وستعود بمصر إلى الوراء أربعين سنة على الأقل. وهو هنا يوضح للمعارضة حقائق الواقع السياسي الجديد بعد الثورة والذي تتجاهله باستمرار، والمتعلق بالقوة السياسية للتيار الإسلامي التي ستدفعه للدخول في صدام عنيف مع الجيش إذا ما شعر أن هذا الأخير يحاول أن يسلبه السلطة التي حصل عليها بالوسائل الديمقراطية. فإسلاميو اليوم غير إسلامي الأمس الذين كانوا يرضون بالاعتقال والقتل دون أن يحركوا ساكنا. ولذا فإنه ليس هناك من وسيلة أمام المعارضة للتعامل مع هذا الواقع السياسي سوى من خلال صناديق الاقتراع للوصول إلى السلطة وإقصاء الإخوان والتيار الإسلامي، وهو أمر ليس صعبا عليها إذا صلحت النوايا وعملت على التودد إلى الشعب بتقديم البديل السياسي القائم على البناء وليس الهدم الذي ظهر خلال الشهور الماضية حينما دأبت على الدعوة المستمرة لتظاهرات تنتهي باستخدام العنف ضد مؤسسات الدولة.