12 سبتمبر 2025
تسجيلكان للإعلام دور مهم ومؤثر في تغطية الثورات العربية المباركة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وإيصالها لشعوب العالم العربي والإسلامي بل وللعالم بأسره ممن كانوا يتابعون وقائع ما يجري لحظة بلحظة وساعة بساعة لمعرفة ما يحدث بالضبط ولمعرفة الحقيقة الكاملة لتلك الأحداث الدموية التي لفتت انتباه ووجهت أنظار العالم بأسره إلى المنطقة العربية وما يحدث فيها من تطورات وتغييرات جاءت بعد مرحلة من "الشلل التام" في الحركة والتفاعل الديناميكي مع التاريخ نتيجة تغييب الطغاة للشعوب وجعلهم في حالة من الاستسلام المطلق لهم وتسخيرهم لشعوبهم من أجل مصالحهم لا العكس. وقد اكتشفنا جلياً أن الإعلام الرسمي الحكومي لكثير من الدول العربية وبالأخص إعلام تلك الدول التي قامت فيها هذه الثورات المباركة.. اكتشفنا أنه إعلام كاذب مضلل ومزيّف للحقائق ومشوّه للأحداث، وهو الإعلام الذي كنّا نمضي أمامه الكثير من الأوقات ونضيع معه الكثير من اللحظات، فهو إعلام هدفه الأول والأخير ترسيخ حكم الطغاة في أوطانهم ودعم بقائهم على الكراسي طوال حياتهم وفي سبيل ذلك الهدف الأوحد والوحيد الذي يعمل له، كان يسخّر كل إمكاناته وجهود العاملين فيه لكي يمجّدوا في الطغاة ويسبحوا بحمدهم والثناء عليهم من الصباح إلى المساء، وكانوا يظهرونهم بمظهر الأطهار الشرفاء في الوقت الذي كانوا فيه يرتكبون المحرّمات في القصور وفي كل مكان، وكانوا يظهرونهم بأنهم أتقياء أنقياء في الوقت الذي كانوا فيه يحاربون الإسلام والمسلمين ويضطهدون ويعذّبون كل من اختار طريق الهداية والإيمان، وكانوا يظهرونهم بأنهم يسهرون على أمن وحماية الأوطان في الوقت الذي كانوا يخونون أوطانهم ويخضعونها لاتفاقات ذليلة ومهينة لأوطانهم، ناهيك عن تآمرهم وتواطؤهم مع أعداء الأمة للقضاء على إخوانهم في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين مما جعل الأمة العربية والإسلامية تترنح إلى الوراء وتتراجع إلى ذيل القائمة بعد أن كانت تتصدر الأمم وتنتكس إلى عوالم الجهل والتخلّف بعد أن كانت تقود الحضارات وتنهض بالشعوب والأمم. لقد سقط عدد كبير من قنوات الإعلام الرسمي من أعين الناس بل وتساقطت الكثير من الرموز الإعلامية التي انكشفت عوراتها وسقطت أقنعتها وتمرّغت في وحل التواطؤ مع هؤلاء الطغاة فأصبحوا في نظر الشعوب الحرّة طغاة كحكّامهم وظلمة كقادتهم فاستحقوا أن يلحقوا بمصير الطغاة وإلى "مزبلة التاريخ" لأنهم كجنود فرعون الذين ورد ذكرهم كثيراً في القرآن الكريم لأنهم أدوات لهذا الفرعون أو ذاك في كل عصر ومكان. لابد أن نعيد تقييمنا لكل ما يعرض ويقدم عن طريق الإعلام الرسمي، ولابد للشعوب والأحرار في كل مكان من عالمنا العربي والإسلامي أن يعيدوا النظر في الإعلام العربي الرسمي وأن يطهّروا كل وسائل الإعلام من أتباع الأنظمة الفاسقة الفاسدة لأنهم كانوا شهداء زور على كل الحقائق التي كانت تجري تحت أنظارهم وأسماعهم فيبدّلونها زيفاً وتحريفاً لتبدو خلاف ما تظهر فيحصلون بعد ذلك على "فتات" قليل من أموال الأمة المسلوبة والمنهوبة من قبل هؤلاء الطغاة الذين يضعونها في أفواه هؤلاء الإعلاميين المُضِلّين كما يضع اللص "عظمة" في فم "كلب الحراسة" كي يلهو بها ويستأنس لها. وكما تساقط أمام أعيننا إعلاميون كثيرون يمجدّون في حكم الطغاة، سقط كذلك بعض العلماء الذين طوّعهم الإعلام لتأييد حكم الطغاة وإضفاء الجانب الشرعي المضلل للناس بضرورة اتباع "ولاة الأمر" حتى وإن قتلوا نصف أو كلّ شعوبهم أو حتى لو سفكوا الدماء وأزهقوا الأرواح أو حتى لو سرقوا أموال الناس بالإثم والعدوان وجعلوا الشعوب تتقاتل من أجل لقمة العيش، لقد سقط هؤلاء العلماء العملاء وهم قلّة قليلة من أولئك الذين اختاروا الدنيا على الآخرة وفضّلوا ما عند السلاطين من الفتات الزائل على ما عند الله تعالى من النعيم الخالد. لقد انكشف الإعلام الرسمي التونسي والمصري والليبي واليمني وأخيراً وليس آخراً.. الإعلام الحكومي السوري القذر الذي ارتمى في أحضان طاغيته المجرم وأيده في أفعاله وجرائمه وسعى بكل غباء في أن يقلب الحقائق وأن يشوّه الصورة ولكنه باء بالفشل الذريع فلم يستطع أن يخفي تلك الجرائم الشنيعة ولا أن يكذب أكثر فالعالم بأسره قد شاهد واستمع إلى الحقيقة الكاملة دون الحاجة للرجوع إلى فضائياته الكاذبة. إن أهمية الإعلام المستقل تكمن في مصداقيته في نقل قضايا الشعوب ومطالبها في الحرية والعدالة إلى الحكّام والقادة ومتى ما تشوّش هذا الإعلام في نقل جزء أو كل الحقيقة فإنه سيقف عقبة في وجه حرية الشعوب وسيكون عوناً للطغاة وأداة من أدوات تعذيبهم التي يستخدمونها ضد الناس، ومن أجل ذلك يجب أن نلتفت إلى قنواتنا الفضائية العربية التي ملأت الفضاء كذباً وتضليلاً وإفساداً للعباد والبلاد، وأن نحارب تلك القنوات الكاذبة بمقاطعتها وإغلاقها وأن نواجه قنوات أعداء الأمة بقنوات تنهض بالأمة وتنشر الحقائق فيصبح بذلك الإعلام مُسخّراً لخدمة الشعوب في مراقبة الفساد من أعلى الهرم إلى أسفله ويكون بمثابة أداة مساعدة للحكّام لإيصال مطالب الناس إليهم وناقل لأوضاعهم المعيشية الحقيقية وحينها فقط يرتقي الإعلام فيستحق المتابعة ويستحق الإشادة.