15 سبتمبر 2025

تسجيل

موجِبات القبول

17 أبريل 2023

توفيق الله تعالى العبد للعمل الصالح نعمة عظيمة، لكنها تفتقر إلى القبول الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يمكن للعبد بأي حالٍ أن يجزم بأن عمله مقبول، ولكن كلنا نعمل ونرجو القبول من الله؛ لأن الأعمال مهما صلحت من دون قبول فلا وزن لها ولا نجاة بها. والحقيقة أن القبول يعتمد على شروط ينبغي توافرها لنكون أقرب إلى القبول بإذن الله تعالى؛ فأول الشروط: الإخلاص، وهو أمر خفي محله القلب، يعلمه الله ولا يطَّلع عليه أحدٌ من خلقه، فمن أخلص عمله ابتغاء وجه الله دون رياء ولا سمعة علم الله صدقه ومحبته فكان ذلك أحرى لقبول عمله. قال تعالى: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (الكهف: 110). فيجب أن تكون العبادة كلها خالصة لله - تعالى - لا مكان فيها لحظوظ النفس من الرياء وحب الشهرة والظهور وثناء الناس، فيجب التخلُّص من ذلك كله ومجاهدة النفس لتحقيق الإخلاص. والأمر الثاني من شروط قبول الأعمال هو: الاتباع والبعد عن الابتداع والمحدثات؛ لأن أمرها خطير، فالخير كل الخير في اتباع الهدي الصحيح الوارد في الكتاب والسنة دون زيادة أو نقصان، وتمام التسليم لأوامر الله تعالى واتباع سنة نبيه الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. ومما يجعلنا نحقق أسباب قبول الأعمال أن يظل المسلم يقظًا حريصًا على محاسبة النفس باستمرار، وعلى تطهير القلب وإخلاص النيات لله، والحرص على صحبة أهل الصلاح والتقوى، والإكثار من حضور مجالس الذكر والعلم النافع؛ فهي تذكِّرنا بكل خير، ولا نترك المجال لوسوسة الشيطان الذي يفسد علينا أعمالنا. وممَّا ينبغي التنويه به أن نحرص كل الحرص على المداومة على الطاعة في رمضان وغيره، وليست العبرة بكثير العمل أو قليله، إنما العبرة بالاستمرار والدوام، فعن عائشة - رَضِيَ اللهُ عنها - أن رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - سُئِل: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: «أدومه وإن قل» (رواه مُسلمٌ). هل لقبول العمل علاماتٌ نستبشر بها؟.. قال ابن القيم - رحمه الله -: «وعلامةُ قبول عملك: احتقاره واستقلاله وصغره في قلبك، حتى إن العارف ليستغفر الله عُقَيب طاعته، وقد كان رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - إذا سلَّم من الصلاة استغفر الله ثلاثًا وأمر اللهُ عبادَه بالاستغفار عُقَيب الحج ومدحهم على الاستغفار عُقَيب قيام الليل، وشرع النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - عُقَيب الطهور التوبة والاستغفار، فمن شهد واجب ربه ومقدار عمله وعيب نفسه، لم يجد بُدًّا من استغفار ربه منه واحتقاره إياه واستصغاره».