28 أكتوبر 2025

تسجيل

قمة العجز وعجز القمة

17 أبريل 2018

حضر بعض العرب وغابت العروبة وكما تعودنا نشرت وسائل الإعلام بيان القمة قبل أن يقرأه أبو الغيط فكان البيان المتخيل متطابقا شبه كلي مع البيان الرسمي والسبب أن الرأي العام العربي يدرك جيدا وبالتفصيل ماذا سيلد الجمل العربي بعد أن تمخض في الظهران كما يدرك أن النظام العربي الراهن أفلس دون أن يعلن إفلاسه وأن العرب لم يعودوا سادة مصائرهم لأن اللعبة خرجت من أيديهم وآخر دليل على هذه الحقيقة أن قمة أخرى انعقدت في اسطنبول قبل أسبوع لتحديد مستقبل سوريا جمعت بين رئيس تركيا أردوغان ورئيس روسيا بوتين ورئيس إيران روحاني وبالطبع ليس فيها سوري أو عربي واحد بعد أن انفرط عقد العرب!. وللتاريخ نقول: ظلت دولة قطر طوال السنوات الأخيرة تسعى لجمع كلمة الأشقاء بتفعيل وساطتها الخيرة بين الفرقاء المتنافسين في كل من فلسطين وليبيا وسوريا واليمن والسودان ولبنان وظلت الدبلوماسية القطرية تؤكد حرصها بالفعل لا بالقول على توحيد الصف العربي داخل كل دولة وبين الدول فضمت الدوحة باستمرار لقاءات وحوارات سلمية بين الإخوة الأعداء سعيا لفض نزاعاتهم وتجميع كلمتهم في حين كانت بعض الدول الإقليمية تتدخل بين الفرقاء بالنميمة والتمويل وتحويل الوجهات، حتى وصل العرب إلى هذه الحالة من التردي والتصدع وهو ما كرسته قمة الظهران بوضوح باهر فتداول الخطباء على منبر القمة ليتشاكروا بينما شعوبهم تغرق في مشاكلها المتفاوتة الخطورة من تفاقم التناحر المسلح وتعزيز الدول الأجنبية لحضورها العسكري الدائم في أراضيهم ومن انقسامات طائفية وقبلية وعرقية ودينية لم تعد تخفى على العين المجردة. كان غياب قطر عن هذه القمة والاكتفاء بحضور السيد سيف بن مقدم البوعينين ممثل قطر في الجامعة العربية قرارا حكيما يضاف الى مواقف قطر الدبلوماسية المترفعة عن سفاسف الجدل العقيم والساعية الحقيقية الى التمسك بوحدة العرب ووحدة مجلس التعاون وهو ما جلب لها احترام الدول الصديقة وتقدير الدول العظمى وما ظهر للعيان في لقاء القمة بين الرئيس الأمريكي وصاحب السمو أمير قطر في واشنطن منذ أيام قليلة. إن ما بذلته دولة قطر منذ سنوات من جهود سياسية ودعم مالي لقضية فلسطين وخدمة شعبها وإعادة إعمار ما انهدم من بيوتها ومصانعها على سبيل المثال لم ينتظر قمة الظهران للإعلان عنه ولم تكن مواقف قطر أبدا مشروطة كما هو حال قمة الظهران بعزل هذه أو تلك من فصائل المقاومة الفلسطينية ووصمها بالإرهاب بل كانت تلك المواقف القطرية تنطلق من تعاطف صادق مع شعب فلسطين أينما كانت مواقعه وأيا كان حكامه المنتخبون لتخفيف معاناته وضمان تزويده بالماء والكهرباء والدواء دون مقايضة العون المالي القليل بمسايرة التصنيفات المشبوهة وتعزيز التطرف اليميني الإسرائيلي المحتل. هنا ندرك المفارقة الكبرى بين المواقف القطرية وبعض المواقف العربية في التعامل مع الأحداث وتقرير أولويات المخاطر ونفهم منطلقات الدبلوماسية القطرية الملتزمة بقضية العرب الأولى ومواقف بعض العرب المتقلبة مع تغيرات موازين القوى ويتساءل الرأي العام العربي عما يجبر تلك الأطراف الخليجية والعربية على التنازل المهين عن الحق وتغليف الباطل برداء الحق وتأجيج النار بين الشعوب الشقيقة والجواب هو أن أنظمة مهزوزة قليلة تعتقد أنها تشتري شرعيتها من القوى الأجنبية وترمم أطلال سياساتها الفاشلة بالمساحيق المؤقتة وتنخرط بوعي أو بغباء في مشاريع سياسية مشبوهة الغايات أشبه بمشاريع الخيال العلمي حتى تواري سوءاتها وتغرق شعوبها في أحلام اليقظة!. مر مؤتمر القمة ولكن التاريخ لن يمحوه من ذاكرة الأمة كمحطة عجز بعض حكام الأمة في حين تواصل القيادة القطرية تحقيق إنجازاتها على الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي مؤكدة لشعبها أن ما قاله الرئيس ترامب في أميرها مباشرة أمام وسائل الإعلام حقيقة حين وصف الرئيس الأمريكي ضيفه المبجل بأنه الأمير الذي يحبه شعبه ويبادل شعبه حبا بحب. بقي اليوم بعد محو آثار الحصار الجائر أن يقيم العرب أوضاع شعوبهم بأمانة والبعض منها يقصف بالكيماوي المحرم والبعض الآخر يضرب الآلاف منه في أرض الله مشردين لاجئين والبعض يتعرض للمجاعة والتدمير والأوبئة. المطلوب أن يسائلوا حكامهم كيف أوصلتم أمتكم إلى شفا حفرة من النار؟ و لعل الله ينقذكم منها كما جاء في سورة آل عمران حين تعتصمون بحبل الله ولا تفرقوا.