14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "الثقافة نظام للإدراك الجماعي ونمط قيمي وسلوكي" هذا هو المفهوم الذي اعتمده تعريفا لمصطلح "الثقافة"، هل قلت لكم هذا من قبل؟ على أي حال، ها أنا أصارحكم الآن.وكما لاحظ الأستاذ "مالك بن نبي" في كتابه "مشكلة الثقافة" فإن العرب لم يعرفوا مصطلح "الثقافة" في أوج ازدهار حضارة الإسلام، ذلك أن نحت المصطلح ليكون علما على مفهوم ما يعني سبر أغوار هذا المفهوم والإحاطة بجوانبه، وهي إحاطة تحتاج إلى تراكم معرفي، والتراكم ـ بدوره ـ يحتاج إلى زمن يتشكل خلاله. والمدهش أنه عندما مر هذا الزمن، وتحقق التراكم، كانت شمس حضارتنا قد آذنت بمغيب، فلم ننجح في نحت المصطلح إلا وقد مر من القرن العشرين ثلثه، وظل المصطلح ـ كالجراب ـ فارغا أو يكاد!لهذا ـ وكما يلاحظ الأستاذ "محمود محمد شاكر" في كتابه "أباطيل وأسمار" ظل المصطلح مشكلا ملتبسا، ومن الالتباس أن يقال "فلان مثقف" كأن الثقافة هي "المعرفة" وليس الأمر كذلك، أو كأن الثقافة كلها واحدة، وليس الأمر كذلك أيضا، والصحيح أن يقال "فلان مثقف عربي" أو "مثقف أمريكي".. إلخ. حيث الثقافة ـ وطبقا للتعريف الذي بدأنا به ـ منتج ـ بفتح التاء وكسرها ـ وثيق الصلة بالمجتمع الذي تنتمي إليه. وتظهر الفوارق بين الثقافات في الاستجابات المختلفة لمؤثر واحد. وانظر ـ مثلا ـ إلى الطريقة التي يستقبل بها أبناء الثقافات المختلفة سقوط شهداء فلسطينيين بقذائف المحتل، أو شهداء سوريين ببراميل "بشار" المتفجرة، وستجد ردود الأفعال تتراوح، تبعا لاختلاف الثقافات، من أقصى الحزن إلى منتهى الفرح.اختلاف يكشف أن أبناء العرق الواحد والشعب الواحد لا تجمعهم ـ بالضرورة "ثقافة" واحدة. أما تأمل النمط القيمي والسلوكي لأبناء "ثقافتنا" فيكشف أن "الهزائم المتكررة" ليست أسوأ ما أصابنا، لكنه الخوف من المواجهة الذي بات نمطا سلوكيا يفقدنا القدرة على المبادرة، ويجعلنا ـ باستمرار ـ نرى "المؤامرة" وراء كل شيء ونخافها: المؤامرة الغربية، والصليبية، والصهيونية، والمذهبية، وأحيانا الوثنية.ويصل الأمر إلى حد شيوع ألفاظ وعبارات "مضحكة" تنتشر عبر أوراق الصحف ومكبرات الصوت، لتدخل سجلات التاريخ، ومنها قولنا "العدو الغادر" كأن هناك عدوا يمكن أن يكون "لطيفا" أو "وفيا" أو أمينا" مع أن المنطق البسيط يؤكد أن العدو غادر دائما، وإلا لكان حريا به أن يكون صديقا مطلقا، أو ـ في أسوأ الأحوال ـ خصما مؤقتا، وصديقا في النهاية!نحتاج إذا إلى تحديد دقيق لمصطلح "الثقافة" ومفهوم "المثقف". ومن ثم "الهوية".