11 سبتمبر 2025
تسجيليجد "الجرّاح" نفسه مضطراً لأن يقوم أحياناً بتخدير موضعي في أماكن تحيط بالموضع الذي يريد أن يجري فيه العملية الجراحية فيقوم بتخدير أكثر من مكان في جلد المريض حول منطقة الجراحة حتى لا يتأثّر المريض ولا يشعر بمشرط الجراحة ولا بغيره من الأدوات التي تقطع جلده ولحمه وعضلاته وأعصابه أو قد تصل إلى عظمه! وكلّما زادت مساحة الجراحة ازدادت حاجة الطبيب الجرّاح إلى تقطيع المزيد من الجلد واللحم وغيره أو كلّما اضطر إلى فتح صدر أو بطن أو رأس أو قلب المريض.. كلّما زادت الحاجة إلى "التخدير الكامل" للجسم بأكمله حتى لا يشعر المريض بمِشرَط أو بمقص أو بإبرة الخياطة فالتخدير الموضعي لا يجدي في هذه الحالة أبداً.هل وصلت حالة الأمة الإسلامية اليوم إلى حالة التخدير الكامل التي نجح العدو الصهيوني معها في الوصول إلى كامل جسد الأمة الإسلامية بعد أن نجحوا في عملية "البنج" أو التخدير الموضعي لدول الجوار المحيطة بقلب جسد الأمة في فلسطين التي اغتصبوا أرضها بعد وعد بلفور البريطاني لهم الذي وعدهم "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" حيث وعد اليهود بتعويضهم بأرض فلسطين كوطن قومي لهم تعويضاً لهم عمّا لحق بهم من جرّاء المحرقة المزعومة أو الاضطهاد الذي لاقوه في عموم أوروبا ؟!إن الخيانات المتلاحقة التي ارتكبها بعض الحكّام العرب من الخونة الذين تعاونوا مع البريطانيين لتحقيق ذلك الوعد وتنفيذه على أرض الواقع هي التي أدّت إلى احتلال فلسطين، حيث مهّدوا الطريق أمام البريطانيين والصهاينة وقاموا بتخدير موضعي للفلسطينيين وسحب السلاح منهم ومنع أي مقاومة - واللفظ الشرعي الصحيح هو الجهاد - تعارض وتقاوم هجرة اليهود إلى فلسطين شيئاً فشيئاً حتى أصبح اليهود أكثرية في بعض المناطق ولازالوا يبنون المستوطنات تلو المستوطنات بعد أن خرج البريطانيون الخبثاء من اللعبة وأتى الأمريكان ليقوموا بدور الوسيط "الأخبث" الذين ضحكوا ومسحوا على ذقون العرب "أيام أن كانت لهم لحى" بل ومسحوا بكرامة الوفود الفلسطينية والعربية وهي تتفاوض على بقايا كرامتهم وشرفهم بعد أن داس عليها من جعل الله منهم القردة والخنازيز مهما اعترض على تلك الأوصاف أدعياء "تقارب الأديان" الذين لازالوا يجدون السلام أو الاستسلام طريقاً لاسترداد الحقوق وما تبقّى من ماء وجوههم.فَهِمَ اليهود اللعبة مبكّراً جداً وفَهِمَ معهم البريطانيون والأمريكان اللعبة كذلك وعلموا أنهم لن يستطيعوا إجراء جراحة دقيقة وخطيرة في وسط جسد الأمة الإسلامية إلا بعد أن يهيئوا الظروف المناسبة لتلك العملية الجراحية الخطيرة في قلب العالم الإسلامي "فلسطين" وما حولها، فبدأت عملية التخدير الموضعي بزرع العملاء وشراء الخونة وتنصيب الحكّام العملاء الذين يرضخون لمطالب أعدائهم ويركعون عند أقدام أسيادهم، فالعملية لن تتم وتكتمل إذا ما وُجِدَ في الأمة رجال مؤمنون صادقون يسعون لتطبيق حكم الله في بلادهم وإقامة شرع الله بينهم ونصرة دين الله في الأرض، ولهذا بدأ مسلسل التخدير مبكّراً جداً بإفساد العقول والأخلاق وشراء الذمم والضمائر شيئاً فشيئاً، فقامت إسرائيل بمماطلة الجانب الفلسطيني وإلهائه بعملية سلام واستسلام طويلة الأجل، بينما قامت في الوقت نفسه بمعاهدات استسلام أخرى لضمان حدودها مع سوريا والأردن ولبنان ومصر فدخلت الأردن ومصر في تلك المعاهدة المهينة ولم تكتف إسرائيل بذلك فقد كانت تعمل ليل نهار بينما العرب والمسلمون نائمون في "الوحل" لا العسل كما يقولون، فقد قامت بعملية طويلة الأجل كذلك تهدف إلى إلهاء الشعوب في الفن والرياضة ومن خلالهما قامت بعملية غسيل دماغ فأصبح المسلمون الذين أُمِرُوا بغض النظر! أصبحوا يلهثون وراء الجنس المحرّم والزنا في السينمات والقنوات الفضائية وفي مجال السياحة بعد أن روّجت لهم الخمور والمخدرات وأقنعتهم بمعاونة الغرب بأن في ذلك تقدما وحضارة! وأصبح المسلمون الذين أُمِرُوا بترك الجدل والاستفادة من الوقت! أصبحوا يلهثون وراء ضياع الأوقات في المباريات والبطولات والمسابقات التافهة وبرامج الجدل العقيم والثرثرة والسخافات ونجحت بأن صرفتهم عن العلم إلى الجهل في كافة المجالات وتركوا التأليف والقراءة والترجمة بل واستوردوا مناهج الغرب بسلبياتها وعيوبها واستوردوا معها الاختلاط والانحطاط فأصبحوا بلا عقل وبلا أخلاق! فأصبحوا جاهزين للخطوات التي تلت بعدها من تشجيع المؤامرات التي يقوم بها الحكّام العرب والمسلمين من الطواغيت ضد شعوبهم بعد أن رسّخوا مبدأ بقاء الحاكم حتى آخر قطرة دم من أبناء شعبه، وبعد أن شجّعوا الطغاة على الظلم وسرقة أموال الشعوب وأعانوهم على ذلك بأن سخّروا لهم القواعد العسكرية والمعاهدات الدولية التي تحميهم وترسّخ حكمهم، بل والأدهى من ذلك أنهم أخضعوا كل الحكّام العرب والمسلمين بل وحكّام العالم تحت سيطرتهم وعرفوا نقطة ضعف كل حاكم وكل دولة فتجسّسوا ووثّقوا خيانة كل عميل لهم بأدلّة ووثائق تفضح اختلاسات اللصوص منهم وتفضخ خيانات أهل الدعارة والرذيلة والفسق منهم!لقد وصلنا إلى مرحلة من "التخدير الكامل" الذي يقوم فيه الجرّاح بتقطيع الجسد وتمزيقه دون أن يحرّك المريض ساكناً، فإذا صحّ القول بأن إسرائيل هي ذلك "الجرّاح" غير أن الطبيب الجرّاح يخدّر المريض ليعالجه بينما إسرائيل تخدّر جسد الأمة لتمزّقه وتنكّل به وتسحل بجثته في النهاية! بل إن الأمر تعدّى ذلك فلقد أصبح ذلك الجرّاح "كبير الجرّاحين" خبيراً لا يلوّث يديه ولا يحط من قدره بعمليات سهلة وبسيطة يستطيع أي طبيب مبتدئ أن يقوم بها بدلاً عنه، ناهيك عن أنها كلّفت "مساعد الطبيب" الذي يحمل المقص والمشرط بتلك العملية استهزاءً وغروراً! فإسرائيل لا تقوم بشيء يذكر لأنها كلّفت خدمها وعبيدها في العالم العربي والإسلامي بالمهمة فأصبحوا يمزّقون جسد الأمة ويحاربون دينها ويقتلون شعوبهم ويسرقون أموالهم وينهبون خيرات وثروات أوطانهم ناهيك عن أنهم يوفّرون الحماية والدعم لأمن إسرائيل كما كان يفعل حافظ الأسد وجمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك وغيرهم وكما يفعل اليوم بشار الأسد وحزب الشيطان ونوري المالكي وأذناب إيران وكما يفعل الآن عميلها الجديد وخادمها المطيع عبدالفتاح السيسي الذي أوقف ما كان ينوي الرئيس محمد مرسي فعله من مقاومة لإسرائيل، فقتل شعبه وخذل أهل غزّة ووفّر الأمان للصهاينة حتى أعلنت فرحتها بترشّحه للرئاسة كما فرحت سابقاً بترؤس غيره من حكّام العرب والمسلمين.. حتى أصبح المسلمون على أخبار الصهاينة اليوم وهم يقتحمون المسجد الأقصى ويدّنسونه بأقدامهم.. ولا يبالون من ردة فعل العرب ولا المسلمين ولا أي حاكم عربي أو مسلم.. لأن جسد الأمة أصبح في حالة.. "تخدير كامل".