16 سبتمبر 2025

تسجيل

الانقلاب أصل الخراب

17 أبريل 2014

أبدع المصريون باستخدام شعار "الانقلاب أصل الخراب" لمظاهراتهم، وهو تعبير صحيح لا يعبر عن الانقلاب في مصر فقط، بل عن كل الانقلابات في العالم العربي، فما من دولة عربية تعرضت لانقلاب الا وحل فيها الخراب والفساد والدكتاتورية والفقر والبطالة.انقلاب السيسي وجنرالاته في مصر كشف عن أكثر وجوه العرب سوادا في التاريخ، واعني بهم "المثقفون" والنخبة البائسة التي انحازت إلى الدكتاتورية والفساد والتخلف على حساب الديمقراطية والعدالة والحرية والمساواة والفرص المتساوية، فاليساريون والقوميون والليبراليون والوطنيون والسلفيون ورجال الدين الرسميون ورجال الأعمال والموظفون الفاسدون انحازوا جميعهم إلى الانقلاب والدكتاتورية التي أطاحت بالشرعية والإرادة الشعبية ونتائج صناديق الاقتراع، هذه النخبة أيضاً هي "أصل الخراب" بلا منازع، فهم سدنة ومنظري ومبرري مصادرة "كلمة الشعب" وإقصاء الصوت الشعبي، بل ذهب بعضهم إلى الادعاء أن "الشعب جاهل" لأنه انتخب الإسلاميين، وأنه قاصر ويجب الحجر عليه، وعدم منحه حق التصويت، وهذا جرى في مصر وتونس، وأذكر أنني دخلت في جدل حامي الوطيس مع شاعرة سورية وصفت الشعب المصري بأنه "جاهل" لانتخابه الإخوان المسلمين، وللمفارقة فإن الإخوان المسلمين عندما كانوا في الحكم مكنوها من الذهاب إلى مصر والسكن فيها من دون تأشيرة أو إجراءات، مثل آلاف السوريين الذين شردهم الإرهابي بشار الأسد، وبعد الانقلاب صارت "تدفع رشاوى للتوسط لها" من أجل السماح لها بالمكوث في مصر.. كيف يمكن تفسير ذلك؟ الأمر سهل: أنه الحقد الأعمى على كل ما هو إسلامي، حتى لو كان الإسلاميون من الملائكة.الانقلابات في العالم العربي دمرت العراق وسوريا واليمن والصومال وموريتانيا والجزائر والسودان وليبيا، فالجنرالات الذين حكموا هذه البلاد أصابوها بالكساح والشلل وحكم العائلة والشلة والطغمة العسكرية، وبددوا الثروات حتى وصلت نسبة الفقر في بعض هذه الدول إلى 80 في المائة، هل يعقل هذا؟ 8 من كل 10 أشخاص تحت خط الفقر، نصفهم لا يستطيعون توفير رغيف خبز، وبعضهم يسكنون في المقابر والكهوف والعشوائيات في بلدان عربية لا ينقصها سبب من أسباب الثراء.لكنها الانقلابات "أصل الخراب" وأصل الداء والمرض الذي ينهش البلاد والعباد مثل الخلايا السرطانية ويدمرها ويفتك بها، والانقلاب في مصر ليس استثناء على الإطلاق، فهو صادر كل الحريات، وقسم الشعب إلى قسمين متنافرين لأول مرة في تاريخه، وادخل البلاد في حالة من الكساد والخراب الاقتصادي والعجز المالي إلى درجة دفعت 130 نقابة ومنظمة مصرية " لا تنتمي إلى الإخوان والمعارضة" إلى وصف الوضع في مصر بأنه "ميؤوس منه" وأن البلد تعيش "أحلك الأوقات" كما قالت دراسة أمريكية "لا تؤيد الإخوان والمعارضة أيضا"، فأكثر من 25000 شخص خلف القضبان ونحو 6000 قتيل برصاص الانقلابيين وعساكرهم، واعتماد الاغتصاب منهجية مستمرة في السجون "كما ذكر تقرير جريدة الغارديان البريطانية"، واستخدام شتى أنواع التعذيب وانتهاك حرمة المنازل، وقتل الطلاب والطالبات، والاعتداء على العمال، وإضافة لذلك، إفلاس خزينة الدولة التي لا تملك أكثر من ملياري دولار، تكفي لدفع رواتب شهر واحد، مما دفع صندوق النقد الدولي إلى التصريح "إن مصر تحتاج إلى مساعدات مالية عاجلة"، ويأتي الانقلابيون ليبشروا برفع أسعار الكهرباء بنسبة 20 في المائة ورفع أسعار البنزين بعد إقرار توزيع الخبز بالبطاقات وبمعدل 5 أرغفة يوميا.. كل ذلك لأن "الانقلاب أصل الخراب".مهما حاول الانقلابيون "تجميل وجه انقلابهم القبيح" فلن يستطيعوا، فقبح الانقلاب لا تنفع معه كل أدوات التجميل، وكل دهاقنة "المكياج والميك اب"، ومعهم كل آفاقي الإعلام والنخبة الفاسدة، وهو انقلاب ككل الانقلابات التي عرفها العالم العربي والتي لم تجر على الناس الا الخراب لأنهم أصل الخراب.