14 سبتمبر 2025

تسجيل

لغة الأعماق البعيدة

17 أبريل 2013

في عام 1996 أصدر الكاتب القصصي يوسف إدريس رواية "النداهة" التي ما لبث أن حولتها السينما إلى فيلم متميز لعب بطولته إيهاب نافع وماجدة والفنان العظيم شكري سرحان وأخرجه حسين كمال.. وتناول فيه إدريس حكاية الإنسان البريء القادم من الريف الذي بهرته المدينة وجذبته حتى إنه تاه فيها.. ولم يعد يرغب في العودة إلى جذوره.. تناول الدكتور يوسف إدريس في الرواية إنسانية الإنسان وفطريته في مواجهة الواقع.. وتصوير المتناقضات الصارخة التي تواجهه وكان ذلك من خلال زوجة البواب التي جاءت من أعماق الريف لتبهرها المدينة وتجذبها التقنيات الحديثة التي تحيط بها والتي تتعامل معها حتى إنها فقدت عقلها في ذلك المشهد الرائع بمصاحبة الأغنية المؤثرة التي كانت بعنوان "شيء من بعيد ناداني" التي لحنها محمد الموجي بصوت ليلى جمال والتي غناها بعد سنوات المطرب محمد منير. وكانت تصاحب ماجدة وهي تلهث في شوارع المدينة !! كان يوسف إدريس يرى أن الفن لا تنبع قيمته إلا من محليته والبيئة التي أنتجته.. فقد كان يؤكد أن العلم عالمي بطبعه بحكم قوانينه ومنهجه.. والفن محلي بحكم الطبيعة ومزاج الإنسان الذي يبدعه هكذا كان يرى مؤلف قصص أفلام "الحرام" (فاتن حمامة وعبدالله غيث)..و"حادثة شرف ".".ليلة صيف" العيب.".قاع المدينة".. إلى جانب أشهر مسرحياته " ملك القطن" جمهورية فرحات". ". اللحظة الحرجة".. المخططين.. "الفرافير".. المهزله الأرضية".. وغيرها وغيرها. من الأعمال الدرامية والقصصية ومقالاته النقدية.. أكتب هذه السطور بمناسبة صدور كتاب " لغة الأعماق البعيدة" لمجدي عفيفى الذي صدر هذا الأسبوع وتناول فيه دراسة في البناء الفني لأعمال يوسف إدريس.. وكيف أن إدريس كان يشكل عبر أعماله الأدبية والفنية.. مساحة واسعة متمايزة في عالم الإبداع الفني بما تطرحه من رؤى عميقة ومتطورة للإنسان والعالم والكون.. وكيف أنها كانت تحمل معطيات فكرية ذات مرجعيات معرفية وأخلاقية وجمالية وبما تصوره من أبنية واتساقات فنية يفض بعضها إلى بعض في منظومة متناسجة في تجلياتها السردية..وكما أكد النقاد حقا أن الدكتور إدريس ذاك الرجل الذي ترك مهنة الطب ليتفرغ للأدب تماما – كان بحق وحده إبداعية واحدة على تباين أشكالها.. رحم الله يوسف إدريس التي تحين ذكرى وفاته في مايو القادم. هذا الإصدار حقا إضافة إلى المكتبة العربية فقد سلط الضوء على أعمال هذا الكاتب الذي كان عنده "السارد" هو الصوت الأهم في معر       ض الإدراك السردي في فنه وعبر سطوره التي استطاعت أن تحتل مكانا في قلوب كل عشاقه من دراسي الفن والأدب..