18 سبتمبر 2025

تسجيل

إمام عادل.. لا.. عادل إمام

17 فبراير 2011

لم أشهد أنا وأبناء جيلي من مواليد فترة السبعينيات من القرن الماضي أو غيرنا، لم نشهد ثورة حقيقية على الظلم والديكتاتورية والاستبداد في العالم العربي والإسلامي كما شهدناه الآن ومع بداية القرن الواحد والعشرين حيث تعاقبت ثورتان عظيمتان في بداية هذه السنة الميلادية 2011م حيث لم يفصل بينهما فترة زمنية طويلة، وشهدنا فيهما وقائع كبرى سيسجلها التاريخ للشرفاء الذين قاموا بتلك الثورات، كما سيسجلها كذلك للخونة الذين تواطأوا على إخوانهم وأبناء جلدتهم من الشعب من أولئك الذين انحازوا إلى صف الظالم.. ممن أصبحوا عبيداً للحكام من دون الله. الثورة التونسية والثورة المصرية.. جاءتا لتعلنا الثورة على الظلم والطغيان و" تلعنان " في الوقت ذاته نظامين ديكتاتوريين فاسدين من الموالين للغرب الحاقد على الإسلام والمسلمين، ففي تونس.. حيث أرادها رئيسها المخلوع زين العابدين أن تصبح دولة علمانية كفرنسا التي اعتبرته بمثابة ابنها "المطيع" فيما قبل الثورة، بينما اعتبرته بمثابة ابنها "اللقيط" الذي تتبرأ منه وتبحث عن ملجأ له ليؤويه فتتخلص بذلك من جندي خدمها بمحاربته للإسلام ومظاهره كالأذان ورموزه كالحجاب الذي تعاديه فرنسا وتزعم أنها دولة علمانية تتيح حرية التدين للجميع وينعتها بعض مثقفونا ببلاد النور وما هي إلا بلاد الظلام الذي يجثم على العقول والقلوب والأرواح، فالإسلام هو النور الذي إن حلّ في مكان فإنّه يحييه بعد ممات وينيره بعد ظلام.. والله متمّ نوره ولو كره الكافرون.. وفي مصر.. حيث أرادها رئيسها المخلوع حسني مبارك أن تصبح دولة خاضعة ومعاهدة لليهود والنصارى، بعد أن كانت رائدة في تصدير الثورات والعلم والنور لمن حولها وللعالم بأسره عندما كانت منارة للهدى والعلم عبر جامعة الأزهر الشريف وجوامع القاهرة وسائر مدن وقرى مصر التي أخرجت للناس كبار العلماء والفقهاء والقرّاء حتى جاء هذا الرئيس فعاث فيها فساداً واستبداداً واستبدل الذي هو " أدنى " بالذي هو خير، فاستبدل علماء وفقهاء الأزهر الشريف وقرّاء القرآن الكريم بما هو أدنى.. ثومها وعدسها وبصلها فشجّع الرقص الشرقي بل وصدّره للعالم حتى سمعنا براقصات روسيات وصينيات في الفن الشرقي وشجّع السياحة الأجنبية التي لوّثت تراب مصر قبل أن تهدم أخلاق شبابها، وجعلها دولة مسلمة على الطراز أو " الستايل " الذي تريده أمريكا.. " إسلام مودرن " يُدخّن فيه عالم الأزهر ويرتشي ويكذب فيه المسلم المتديّن وينافق فيه كل من أطال لحيته وقصّر ثوبه وتُتهم فيه الفنانة المعتزلة بأنها تقاضت مبالغ من الإخوان المسلمين لكي تعتزل بينما في المقابل نرى هذا الإسلام المودرن تصلي فيه الراقصة بعد انتهائها من " وصلتها " ويصلي فيه الحضور على النبي وهم يشاهدون جسد الراقصة يهتز أمامهم وتدعو الله فيه المغنية قبل اعتلائها للمسرح ويستهزئ فيه الممثلون بالإسلام والمتدينين وفي مقدمتهم المدعو عادل إمام الذي تسابق إليه الكثيرون لأخذ "أوتوغرافه" وتوقيعه هنا في الدوحة والذي قال في أحد أفلامه التي غالباً ما "يزني ويعاقر الخمر فيها".. قال في أحد أفلامه: أنا متأكد بأن الله سيسامحني على أعمالي في الدنيا.. وسيعطيني خصماً حتى %50.. بل %70.. بل %100!!، وصدق الشيخ عبدالحميد كشك – رحمة الله عليه – عندما قال كلمة الحق منذ سنين: نحن نحتاج إلى "إمام عادل".. لا إلى "عادل إمام"، حيث كان ذلك الشيخ الضرير يستجوب ويُمنع كثيراً من الخطابة وغيره الآلاف من خطباء ودعاة مصر ممن تعرّضوا للكبت والاضطهاد، في الوقت الذي يحظى فيه المنحلّون والتافهون بكل أنواع الحريّة والدعم المادي والشهرة والنفوذ. حمداً لله كثيراً على أن أزاح عن جسد الأمة العربية والإسلامية هذا السرطان الجاثم في جسد الأمة عقوداً من الزمن يستنزف من طاقتها وجهدها وأموالها والأهم من ذلك كله.. كرامتها، لقد عشنا وعاش الأحرار والمظلومون والمضطهدون في تونس ومصر لحظات فرح غامر بانتصار الثورة وخضوع الحاكم الجائر لمطالب الثورة فتنحى كل منهما بعد تمسك شديد بالحكم وتهالك على المال وصدق الله تعالى حين قال ( يحسب أن ماله أخلده ).. فما بالكم إذا كان هذا المال ليس بماله وإنما هو حقوق الناس وأموال الشعب من الفقراء الذين لا يجدون خبزاً يشترونه فضلاً عن سائر الأصناف والأطعمة، لقد فرح المؤمنون بنصر الله وانتقامه من الظلمة وأعوانهم، وسبحان الله الذي جعل للنصر أسباباً وللهزيمة أسباباً قد لا يتوقعها الظالمون، فمن كان يتوقع من طفل تربى في بيت فرعون " موسى عليه السلام " أن يكون سبباً في نهاية عهد وحكم فرعون لمصر واستبداده بالناس، فبعد أن توالت الأحزاب والحركات والمعارضات والنقابات وبذلت جهداً عظيماً في المطالبة بالحقوق والعدالة - مع احترامنا لجهودها -، لم يكن أحد ليتوقع أن يحقق مجموعة من الشباب على موقع إليكتروني "الفيس بوك" نتائج لم تكن تحلم بها تلك الأحزاب والنقابات والتي تمثلت بإسقاط النظام والدستور ومجالس الشعب في حين أن تلك الأحزاب كانت تطالب بتعديل بسيط في الدستور ولم تستطع ذلك، وفي حين أن حركات المعارضة كحركة الإخوان المسلمين عاشت دهراً من الزمن تطالب فقط بإدراجها كحزب سياسي ولم يسمح لها بذلك، بينما استطاعت هذه الثورة أن تقلب الأوضاع رأساً على عقب، وتنتزع حقوقها بالقوة حينما لم تجد كل الوسائل والطرق مع هذا النظام الديكتاتوري. ينبغي على بقية الأنظمة القمعية والديكتاتورية في العالم العربي أن ترجع إلى أنفسها وأن تراجع حساباتها وأن تعيد ترتيب أوراقها متعظة بما جرى حولها إن لم تكن قد قرأت تاريخ الثورات في الماضي، وأن تستوعب الدرس من هذه الثورات الحديثة وأن تعلم تماماً أن الشعوب تقف وراء من يساندها ويأخذ بحقوقها ويحفظ كرامتها وسيادتها، وأن تعلم كذلك أن دولة الظلم "ساعة" وأن دولة الحق إلى "قيام الساعة"، ويجب أن يعلم الحكام بأن الظلم في الدنيا.. ظلمات في الآخرة، وأن شكوى الناس وتذمرهم قد تصبح ككرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت أكثر، فيزداد سخط الناس وغضبهم عندما لا يأبه بشكواهم حاكم ولا مسؤول ولا ينصفهم أحد، وأن نهاية الظالمين قد تكون بواسطة شيء لم يخطر لهم على البال ( ولا يعلم جنود ربك إلا هو )، فأصحاب الفيل أرسل الله عليهم طيراً أبابيل.. فهل آن للظالمين أن يحكموا بما أنزل الله وأن يتقوا الله في شعوبهم.. قبل أن ينجّيهم الله ببدنهم ليكونوا لمن خلفهم آية.. أو قبل أن يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.. والحمد لله رب العالمين.