05 أكتوبر 2025

تسجيل

قتــل الأدمـــغــة

17 يناير 2021

هناك عبارات ضارة ومدمرة عقليًا يسمعها الأطفال كثيرًا. وقد تؤثر هذه الكلمات على التطور النفسي للطفل فضلا عن أثرها في حياته القادمة، فالأطفال لديهم أدمغة هشة، وعقول لينة سهلة التشكيل تختلف عن البالغين. فالموقف ـ أي موقف ـ يختلف أثره في الصغير عنه في الكبير. فلو خدشت شوكة رجلا ناضجا فإنه يتحملها بالرغم من الألم إلا ان الطفل الصغير قد يثور باكيا. يعرف معظمنا ذلك بشكل غريزي، فما نتجاهله غالبًا هو حقيقة أن أدمغة الأطفال ليست فقط أكثر هشاشة جسديًا ولكن عقليًا أيضًا، ويُشبِّه علماء النفس دماغ الطفل بالرمل الناعم القابل للتأثر، الكلمات القاسية التي يمكن أن يتجاهلها الأب قد تبقى مع ابنه لسنوات. منها: "عاد أنت حساس بزيادة" يتفاعل الأطفال بسرعة وبشكل مكثف مع كل شيء تقريبا لأن العديد منهم لديهم جهاز عصبي دقيق. وغالبًا ما يضغط الآباء على أبنائهم هؤلاء للتخلص من هذه الحساسية. بمرور الوقت، يؤدي هذا إلى إبعاد كيمياء دماغ الطفل عن الصخب ويقلل من قدرته على التعاطف مع الآخرين. فيتعلمون أن عواطفهم لا تهم، وأن الأشخاص الآخرين غير مهمين أيضا. الحل: على الآباء الاستماع إلى مشاعر الطفل وقبولها، حتى لو لم تكن منطقية. "هـذه هـي الـدنـيـا" عندما يرجع طفلك إلى المنزل منزعجًا لأن النادي المفضل له قد خسر المباراة، فقد يكون من المغري أن تقول بنبرة تهكم: "يالله ما عليه، هذه هي الدنيا". إن ما توحي به هذه العبارة هو: "مرحبًا – حبك وولاؤك لهذا النادي غير مجد، لذا تخلص منهما"، قد يكون من المناسب تمامًا أن نقول لشاب يبلغ من العمر 25 عامًا نفس هذا الكلام في نفس الظروف، لكن دماغ الطفل غير قادر على إدراك حقيقة أن ميولهم وخبراتهم في الفشل ليست فريدة من نوعها، والأب عندما يقول تلك العبارة فإن الأبناء سيشعرون بالذنب والإحباط والارتباك، الحل: بدلاً من ذلك، يجب عليك التحقق من تجربتهم والاستماع اليها والتفاعل معها ثم عليك تشجيع المرونة في تفكيرهم. "لأنـنـي أنـا اللـي قـلـت ذلـك" يرفض الصغير عبدالله الذهاب للنوم الساعة 9 مساءً ما لم يعرف السبب. وتقول والدته الغاضبة "أتريد أن تعرف لماذا؟ لأني أنا قلت هالشي". طبعا هذا رد فظيع يميل إلى إثارة الاستياء لدى الأطفال لأنها تجبرهم على قبول معتقد سلطوي. وسيجعل الطفل يجيب عن رأيه بوالديه: إنهما سلطة جبارة. الحل: بدلاً من هذه العبارة لماذا لا تجيب على سؤال الأبن فقط؟ أعني، قرارات الوالدين تستند إلى المنطق؛ فلماذا لا تشارك ذلك مع طفلك؟ سيساعدهم التعليل المنطقي على فهم أن السلطة في بعض الأحيان هي الأفضل بالتأكيد. "اخـــرس" يتعلم الأطفال منذ الصغر أن عبارات مثل: "اخرس"، و"جـــب "، و"انـجـعـم" تعني إهانة، خلونا نكون واقعيين؛ آخر شخص يجب أن يهين الطفل هو والده، بالرغم أنه قد يكون لديك سبب وجيه لتخبر طفلك أن "يصمت" فمن المحتمل أن يكون هذا السبب موجوداً في ذهنك. مثال: أثناء الحجر المنزلي الإجباري فترة جائحة كورونا يثير الأطفال العديد من المواقف المزعجة والأناشيد ذات الصوت المرتفع، فعدم ذهابهم للمدرسة محبط حقًا، ولكن بدلاً من استخدام: بس أو اخرس، أو انجعم، لماذا لا تشرح لهم: ترى أمكم تعبانة اليوم من عناء أعمال البيت واعداد الغداء وصنع الكيكة اللذيذة التي تحبونها وأكيد هي ستقدر هدوءكم خلال فترة نومها، وفي مواقف أخرى امنح طفلك فرصة لإحداث كل الضوضاء والإزعاج التي يريدها وأخبره أنه يجب يكون هادئا في الوقت لاحق. وهذا يسمى تعديل السلوك بالإشباع. كثيرة هي السلوكيات التي يقوم بها الآباء وعديدة الكلمات التي يطلقونها في وجه أبنائهم اعتقادا منهم أنها مجدية في الوقت الآني، لكنها للأسف مثل تلك الكلمات المحبطة تعمل على هدم شخصية الأبناء في المستقبل القريب والبعيد مما قد يتسبب له بمجموعة من العقد النفسية أو ان تظهر لديك سلوكيات معادية للنفس والأسرة والمجتمع. آخر الكلام: الطفل الذي يتعرض لأسلوب سام في الصغر فإنه يكبر وتكبر معه العلاقات غير السوية والخوف من الحرمان أو الهجر، فلنحسن اليوم صناعة مستقبل البلد. همسة: الحياة أقصر من أن تهدرها في إثبات حسن نواياك للآخرين، فهم في النهاية لن يحكموا عليك الا بحسب نواياهم. دمتم بود [email protected]