12 سبتمبر 2025

تسجيل

تجديد الدين أم تجميده

17 يناير 2015

تجديد الدين من القضايا الحيوية التي تجعل السلوكيات التعبدية والأفكار العقدية أكثر تصالحا مع النفس واستقامة مع الثوابت التي لا يلحقها ذلك التجديد وإنما ما يتعلق بشؤون العباد في دنياهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، ولكن ذلك أمر لا يمكن أن يتصدّى له أي أحد ممن يعلمون بعض الجوانب الدينية وإنما يقوم به العلماء المشهود لهم بالعقل الراجح والفكر المستنير والتقوى والورع، وغيرها من الاشتراطات الفقهية التي تؤهل للفتوى وإطلاق الأحكام.مؤخرا أشار إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن السديس إلى أن هناك فارقا بين الدين والتدين، مؤكداً أن هناك سلوكيات تدينية تخلط بين الأولويات ولا تستحق العصمة والقداسة ويتوجب نقدها، وقال إن الدين بثوابته ومبادئه وقيمه لا يقبل التشكيك أو التقليل أو المزايدة ولا يصح لمسلم عاقل أن ينال منه أو يسيء إليه، بينما التدين كسلوك بشري لتطبيق تعاليم الدين هو ما يختلف فيه المكلفون بحسب العقول والعواطف والظروف والأحوال والبيئات.الشيخ استفاض في اتجاهه نحو التجديد وشرح أن الفارق بين الدين والتدين يحتم مراجعة مسيرة التدين في المجتمعات والتحولات الفكرية التي واكبتها، في زمن انتشرت فيه ظواهر اختلاف العقول باسم الدين والصراع بين الأيدلوجيات والأجندة، ما أفرز تناقضات سلوكية وانتماءات فكرية تتطلب معرفة الضوابط الشرعية عند الحديث عن الثوابت والمتغيرات.من هذه الحيثيات نحتاج بالفعل إلى مراجعة الأفكار والتدين، فالدين ثابت بالأصالة، ولكن التدين باعتباره من لوازم الذات بحاجة إلى مراجعات لأنه ليس كل من تردد على المسجد وأطلق اللحية وحفظ النص والنصين مؤهلا لأن يقود الجماعة، وذلك هو المنفذ الذي اخترق من خلاله المتطرفون الأوساط الاجتماعية واستقطبوا الآخرين إلى أفكار لا تتفق مع الثوابت حتى أصبح الأمر وكأنه اتجاهات الدين.إعادة النظر في الأفكار أمر مطلوب وضروري لأنه يكسب التدين حيوية أكثر ويجعل الدين أكثر ثباتا ومنطقية وحفاظا على الثوابت دوت تشويهها أو تشويشها، ولذلك على علماء الأمة الاجتماع على تجديد الأفكار وتغيير القناعات السلبية التي انتشرت حول الدين وجعلته مختطفا بيد قلة تعبث به وتفسره وتؤوله كما تشاء، حتى أن الكثيرين باتوا يفتون ويبدون الرأي بجرأة وتعسف بما لا يتفق مع مسيرة الدين وسلامته من عيوب التحريف والتأويل غير المنطقي لنصوصه بل والوضع فيه.