16 سبتمبر 2025
تسجيلإن عزة الأمة وعزة المجتمع أن تكون إرادته وقراره بيده الأمر الذي يمكنه من توظيف طاقات أبنائه وقدراتهم ومواهبهم الخلاقة الفعالة , فكل فرد مسلم من أفراد المجتمع تلقى على عاتقه مسؤولية عظمى وذلك بأن يشعر كل واحد من المسلمين مهما كان موقعه وشأنه أنه مسؤول ومساءل، فيبدأ بإصلاحنفسه وبيته ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل جلساءه وجيرانه ومجتمعه، وليعلم كل واحد منا أنه على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله , فلقد اختص الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام بالقرآن العظيم والحبل المتين, الذي أنزله الله تعالى تبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي أقوم فشمل أسس الأحكام وكليات الشريعة وقواعد الملة، فجعل من خصائص الدين شموليته في تناوله للأمور من جميع زواياها وأطرافها ومقوماتها ، فهو تصور كاملوشريعته شاملة وواضحة يتسم بيسر المنهج وصفاء السريرة ، فالمنهج الإسلامي انطلاقة للحياة على الأرض وليس مجموعة من الكلمات والتعاليم التي تضمها الأوراق أو تتناقلها الألسنة, فهو وحدة لا تنفصم ولا تتقطع أوصالها بل يشمل الاعتقاد في الضمير والتنظيم في الحياة بترابط وتداخل لا يمكن فصله أو تقطيعه لأن فصله تمزيق وإفساد للدين , فعندما كانت هوية الأمة بارزة واضحة محل عزة وافتخار كانت لها الريادة والقيادة وهابها أعداؤها ، وسارت رايات الإيمان ناشرة لدين الله في أصقاع المعمورة فسعدت البلاد بعدل المسلمين سواء من دخل فيه ومن بقي على دينه من أهل الذمة والعهد, ولما ضعفت هوية الأمة وابتعدت عن حقيقة دينها ومنهج حياتها أصبحت ذيلا لأعدائها لا يهتم بها ولا يخاف منها ولا يعتبر لها رأيا. فإن عزة الأمة يكون بالاعتزاز بهذا الدين العظيم والتشرف بحمله والعمل به وتبليغه للناس والاعتزاز بالإسلام واجب لأنه من عند الله ولأنه دين كامل شامل فهو منهج حياة وسعادة أمة ومنقذ بشرية ولهذا أمر الله عباده بالاعتزاز به وحسن الانتماء فقد خص الله تعالى أمة الإسلام بخصائص عظيمة ومنح كريمة ,حيث جعلها الخالق سبحانه مميزة من بين سائر الأمم وسببا لحفظ كرامتهم والمحافظة على هويتهم وأمانا لهم من التميع والذوبان في المجتمعات الأخرى والمؤهلة لهم أن يصبحوا قدوة للعالم وقادة الأمم ، ما تمسكوا بها عن إخلاص لله تعالى على الوجه الذي شرع وأخذوا الحيطة والحذر من لبسها بالأهواء والبدع وأدركوا نعمة الله تعالى عليهم فحمدوا العلي الخبير على ما هم فيه وأدركوا عظم مسؤوليتهم عنها ولم يغفلوا عن أعدائهم الحاسدين لهم عليها أن يفتنوهم أو يخرجوهم ,فلله تعالى المنة والفضل أن هدانا للإسلام الدين الحق الذي شرعه الله تعالى ويسره وأكمله وأتم به النعمة وختم به الأديان فجعله ناسخا لها مشتملا على أحسن ما فيها وكل ما تحتاج الأمة إليه في حياتها وكذلك جعله الله خالدا إلى آخر الدهر فلا ينسخ ولا يتبدل ولا يقبل الله تعالى دينا سواه قال الله تعالى:(هو سماكم المسلمين من قَبل)الحج: 78 وقال سبحانه وتعالى:(ِإن الدين عند اللَّه الإسلام)آل عمران: 19 , فالناس يتخبطون في ظلمات الباطل وأهل الإسلام يمشون بينهم بنور الله الذي تنكشف به ظلمات الجهالة ودياجير الباطل ويعني بالإسلام الاستسلام المطلق لله تعالى أي الذل والخضوع له سبحانه وتعالى محبة له سبحانه وخوفا منه وإجلالا له بحيث يستقيم على هدبه امتثالا للمأمور وتركا للمحظور وتسليما لأمر الله تعالى وقدره لما يصيبه دون اعتراض منه على مكروه المقدور مغتبطا بفضل الله تعالى عليه معترفا بعظيم نعمة الله تعالى أن جعله من عباده الموحدين وصانه من ذل العبودية لغيره. فالهوية الإسلامية هي التي دعت إلى الصدق والأمانة والوفاء بالعهود والوعود وجعلت الوفاء بالعهد دينا, وحضت على مكارم الأخلاق وأحسنها وجعلت الصدق من البر الذي يهدي إلى الجنة والكذب من الفجور الذي يهدي إلى النار فإن هوية أي أمة هي ذاتها ووجودها وقد تحددت هوية الأمة الإسلامية منذ بدأت أنوار القرآن الكريم وهدايته تتنزل على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عندما خصت هذه الأمة بالقراءة والعلم والمعرفة والحرص على الاستعانة بالخالق سبحانه وتعالى في التوصل لمعرفة أسرار الخلق بداية بقوله تعالى:(اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق: 1, فقد تحددت هذه الهوية بالأسوة التي كان يقدمهاالرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، مما جعل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يقف أمام النجاشي في الحبشة يصف هوية الإسلام بقوله: كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام والأوثان ونأكل الميتة ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف حتى جاءنا من نعرف صدقه وأمانته فدعانا إلى عبادة الواحد الأحد وإكرام الجار والأخلاق الفاضلة واتضحت صورة الهوية الإسلامية في أجل صورها وأنصعها يحملها الصحابة الكرام في قلوبهم وتنطلق ألسنتهم مدوية بها لتسمع العالم أجمع.