25 سبتمبر 2025

تسجيل

النصر الأكبر

16 ديسمبر 2022

أمام النصر الأكبر لا يسعنا إلا أن نقول «الله أكبر» وأن نفي حق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وعد أمام مجلس الشورى منذ شهرين بأن مونديال 2022 في قطر سيكون استثنائيا وغير مسبوق وسيثبت للعالم أجمع أننا قادرون على رفع كل التحديات وكسب كل الرهانات بما أنجزناه خلال 12 سنة منذ أعلن عن فوزنا بتنظيم كأس العالم وهي التظاهرة الحدث التي تشرئب لها أعناق مليارات البشر من القارات الخمسة. وها هي إنجازاتنا تنطق باسمنا من بنية تحتية راقية جعلت عاصمتنا الدوحة من أحدث مدن العالم مدينة منسابة الطرقات ذكية المرور ثم أنشأت الدولة الملاعب على أروع الأمثلة المعمارية فالتحية لصاحب هذا الوعد لأنه أوفي بوعده واعترف ملايين الحاضرين ومليارات المتابعين في كل أرجاء المعمورة بأنهم عاشوا حدثا يعتبر موعد قطر مع التاريخ وأن الدوحة خلال أيام وليالي الكأس وفرت وسائل النقل السريع وأهمهما المترو العصري بمحطاته الرائعة التي تنافس أعرق متروهات العالم إتقانا وتيسيرا للتحرك من أية نقطة على خارطة الدوحة إلى أية نقطة ومن أي ملعب الى وسط المدينة بفنادقها ومتاحفها وساحاتها الشعبية مثل كتارا وسوق واقف ومدينة الوسيل حيث يعبر الجمهور عن أفراحه ويلتقي الصيني بالمكسيكي والياباني بالمغاربي في جو احتفالي إنساني والافريقي بالهندي. وهذا هو في حد ذاته مكسب ثمين من مكاسب المونديال يؤكد ما سعت اليه دولة قطر بتوجيهات صاحب السمو أميرها من تحالف الحضارات ونبذ التطرف والعنصرية فكان الرابح الأكبر هو دعم السلام والأمن في العلاقات الدولية وضمان مصير أفضل للبشرية دون حروب مخربة مبنية على أغراض قديمة ودون صراعات أيديولوجية فرقت البشر وعززت الحدود بالأسلاك الشائكة وأقامت جدران العار الفاصلة بين الشعوب بل بين العائلات كما فعلت دولة إسرائيل في مناطق الاحتلال ورغم إدانة هذا العمل الخارج عن القانون الدولي من قبل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لأنه تهديد لشعب محتلة أرضه وللسلام كله في منطقة الشرق الأوسط وهكذا جاءت هذه الدورة القطرية لتجمع ما تفرق وتؤلف ما تشتت وتلملم ما تمزق وفي هذا تنفيذ لعقيدة إسلامية تؤمن بها قطر وافتتحت حفل الانطلاق بالآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ وهي ما ذكر به العالم ذلك الشاب القطري الذي أثر على سامعيه على المباشر كرسالة توجز سماحة الإسلام وايمان المسلمين بأن البشرية بشعوبها وقبائلها وبجنسيها الذكر والأنثى هي أمة خاطبها الله سبحانه بقوله (يا أيها الناس) أي خاطب جميع الملل والنحل وتوجه للناس جميعا بخطاب المحبة الإنسانية قاطبة وهذا هو المعنى الذي سيظل عالقا بالذكريات لدى الملايين التي عاشت الكأس وتفاعلت مع إخوة لها في الإنسانية وهو ما قصدته دولة قطر وما أوجزه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد - حفظه الله- بقوله إن مونديال العالم في نسخته القطرية سيكون استثنائيا وسيعزز قيم الإسلام والعروبة من خلال جميع تظاهراته حيث تحترم هويتنا ولا ننخرط في مهاترات لا فائدة منها. وفعلا هكذا كانت الدورة فتحولت بفضل من الله الى مناسبة لاشهاد الناس على حضارتنا ومبادئنا وتقاليدنا فأصبح الجمهور قطريا باللباس والغترة والعقال والإرث الثقافي الثري الذي أبرزته الكأس وعرفت به. ولا يفوتنا أن نشير باختصار الى أن لوبيات الافتراء والأكاذيب لم تخرس الى اخر يوم فظلت بعض غربانهم تنعق ولا تجد لها سامعا وتخيل هوسها المريض بعض الأراجيف التي حملت تكذيبها في ذاتها وتواصل قطر مظفرة رافعة راية العروبة والإسلام في عالم متعدد المحاور متنوع الثقافات خال من البغضاء والأحقاد ولعل هذا أرفع مكاسب المونديال حيث ساهم في تعزيز تلك الروح وبلورة تاريخ أنصع وأنقى وأبقى للإنسانية. فعلا هو النصر الأكبر ورفع التحدي الأصعب، فجزا الله حضرة أمير البلاد خير الجزاء على رسالة قطر العالمية وهي رسالة ريادة وصنع الأمجاد وإلى مواعيد قادمة بنفس العزائم ونفس القيم ! ما سيبقى في ذهني هو أن مونديال قطر كرس وعزز مفهوم الأسرة المسلمة المتماسكة حين ظهر المغاربة يقبلون بكل حب وبر جبين أمهاتهم وهو أروع رد على من حاولوا التبشير بالمثلية وتفكيك الأسرة كأنها مساواة كونية جديدة.