10 نوفمبر 2025

تسجيل

التباكي على حلب!

16 ديسمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعج وسائل التواصل الاجتماعي بالنداءات التي تأتي من كل صوب مطالبة بعمل شيء ما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في حلب بعد أن سقطت في يد قوات الأسد والميليشيات الشيعية التي يرى القائمون عليها بأنهم يستكملون معركتهم ضد أحفاد يزيد! حتى الفرنسيون أطفأوا أضواء برجهم الشهير تضامنا مع أهل حلب الذين تعرضوا ولا يزالون لمحرقة لم تحدث لشعب ما على وجه الأرض في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.لم تفقد الثورة السورية التضامن الدولي، وليس المطلوب التضامن فقط أو التباكي على ما حلّ بالمدنية بل الفعل، غير أن شيئًا من هذا لم يحدث قط، وترك أهل حلب لمصيرهم المحتوم وداست جنازير التطرف الطائفية والاستبداد الأطفالَ والنساء، وساندهم في ذلك سياسيا ولوجستيا وعسكريا الرئيس بوتين الذي دخل حربا غير متوازنة بعد أن استبطن أن لا راد له، فأمريكا أوباما مترددة ومتواطئة، بل وكأن هناك مهمة قذرة تركها الأمريكان للروس والإيرانيين للقيام بها.وبعيدا عن إلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذاك، لم يسبق أن تعرض الشعب السوري لخديعة كبرى كتلك التي تعرضوا لها على مدار سنوات، فدخول الولايات المتحدة على خط الأزمة كان يهدف إلى منع سقوط بشار الأسد بذريعة أن داعش تشكل خطر الإرهاب الذي يتعين التصدي له، فتراجعت أمريكا عن كل خطوطها الحمراء التي رسمها رئيس مصاب بعمى ألوان سياسي وقصر نظر إستراتيجي. وكان بالإمكان تفهم موقف واشنطن لو أنها أعلنت منذ البداية أنها ضد الثورة كما فعلت بعض الدول، لكنها للأسف لم تفعل ذلك، فقد غررت بالثوار وضللتهم عندما بدت وكأنها تدعمهم في مهمة إسقاط طاغية دمشق. يا ليتها اكتفت بذلك، بل قامت بمنع الدول الإقليمية المساندة لمطالب الشعب السوري بالتحرر من تزويد المعارضة بسلاح يمكن له أن يصنع الفرق!التصريحات التي يدلي بها مسؤولون أمريكيون وآخرهم سمانثا باور (سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة) تبعث على الغثيان، فلا تزال تصريحات الإدانة لم تتغير، وهو ما يرشح الولايات المتحدة لدخول نادي الجامعة العربية الذي لم يتمكن في يوم من الأيام عمل أي شيء غير الشجب والإدانة. وحتى لا نشتري الوهم، نقول بأن القادم أسوأ، فالرئيس القادم دونالد ترامب لن يكون منقذا للشعب السوري، فالرجل أعلن في غير مناسبة أن بوتين وبشار يحاربان الإرهاب، وفي سبيل القضاء على داعش سيغض الرئيس الجديد الطرف عن الوحشية الروسية التي بدورها تحمي بشار الأسد.الدول العربية التي دعمت الثورة عليها أن تتعلم الدرس، فالمراهنة على دور أمريكي لصالح القضايا العربية تبدو خاسرة، وكلنا يعرف كيف باعت واشنطن حلفاءها الواحد تلو الآخر، فشاه إيران الذي كان الحليف الأوثق لواشنطن خسر عرشه بتواطؤ من جيمي كارتر الذي بدوره رفض مجرد إدخال الشاه لتلقي العلاج في أمريكا، وجيمس بيكر باع ميشيل عون لحافظ الأسد في 1990، ولا نبالغ عندما نقول إن إدارة أوباما باعت المنطقة في سعيها للتوصل إلى تفاهم مع إيران! التباكي على حلب وإن كان شعورا يعبّر عن الحرقة إلا أنه ليس بديلا لوضع إستراتيجية عمل تعيد الأمل والثقة والكرامة للعرب بعد أن استهان بهم القاصي والداني. حلب ينبغي أن تكون عبرة، وأرجو أن لا يأتي اليوم الذي نستحضر فيها مقولة "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض".