12 سبتمبر 2025
تسجيلمع نهاية الأسبوع الماضي وتحديدا في 13 ديسمبر سجلت في مصر 6 حالات انتحار خلال 24 ساعة، فقد انتحر شاب من الإسماعيلية عمره 18 عاما بشرب السم بعد مشادة مع والده بعزبة حمود موسى، وشهدت محافظة أسيوط 3 حالات انتحار لرجل وفتاتين، وانتحر شخصان آخران هما عامل وسيدة في محافظتي دمياط والإسكندرية، إلى جانب إحصاءات تشير إلى 15 عملية انتحار خلال أسبوع واحد في سبتمبر و27 عملية انتحار أفضت إلى الموت في شهر أكتوبر، ليتوالى ارتفاع عدد المنتحرين في نوفمبر الماضي وديسمبر الحالي. هذه الأرقام المذهلة والصادمة لعمليات الانتحار الناجحة، تثير التساؤل، فنحن نتحدث عن بلد عربي مسلم، يعتبر فيه الانتحار محرما شرعا، كما أنها ظاهرة غير منتشرة بهذا المستوى في المجتمع المصري والمجتمعات العربية.حاولت أن أستقصي تطور ظاهرة الانتحار في مصر رقميا، وحصلت على أرقام وإحصاءات من مصادر متعددة على الإنترنت منها أرقام رسمية، وتبين أن محاولات الانتحار في مصر زادت بنسبة 12% خلال عام واحد لترتفع إلى 18 ألف حالة عام 2011، وهي الحالات التي وصلت إلى مركز السموم، بعد أن كانت 104 آلاف حالة قبل ذلك بعام واحد، أغلب منفذيها من الرجال، نجح 5000 منهم بإنهاء حياتهم، هذا حسب مصادر رسمية.لا أريد أن أدخل في التفاصيل الرقمية المذهلة للزيادة الحادة في محاولات الانتحار منذ وقوع الانقلاب المشؤوم الذي زاد من معاناة الناس، لكن التقديرات تشير إلى أن المعدل الشهري لعمليات الانتحار الفعلية ارتفع إلى 500 حالة شهريا، أي حوالي 17 حالة انتحار يوميا، وإن كانت الأرقام الرسمية لا تكشف عن ذلك في ظل التعتيم الذي يفرضه الانقلابيون.وإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة اعتمادا على الأرقام السابقة المعلنة لعمليات الانتحار الفعلية، فإن العدد سيرتفع من 5000 إلى 6000 حالة انتحار فعلية سنويا، أي أننا أمام حوالي 10000 حالة انتحار سنويا فعلية خلال عام ونصف من عمر الانقلاب الأسود المشؤوم. وبالقياس السابق للزيادة نفسه يرتفع عدد محاولات الانتحار من 18 ألف حالة إلى 36 ألف شخص، "من 5 إلى 10 لكل ألف" خلال عام ونصف من عمر الانقلاب. وهو رقم مذهل وخطير إلى أبعد الحدود. وهو رقم مذهل ولا يصدق، وإن كانت الأرقام الرسمية المعلنة أقل بكثير من هذه الأرقام.وتؤكد بعض الدراسات المحكمة أن الفئة العمرية الأكثر إقبالاً على الانتحار في مصر تضم الفئة الشبابية ما بين 15 و25 عاما، حيث تبلغ نسبتهم 67 في المئة من إجمالي عدد المنتحرين، تليهم الفئة العمرية بين 25 و40 عاما، والمرتبة الثالثة حصدت أرواح الفئة العمرية للأطفال من سن 7 إلى 15 عاما. وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد. وبلغت نسبة هؤلاء الأطفال المنتحرين 5.21 في المئة من إجمالي المنتحرين في مصر.أما عن طرق الانتحار فقد بينت الإحصاءات أن 90 من النساء ينتحرن بواسطة الأقراص المنومة أو سم الفئران أو إلقاء أنفسهن من أماكن شاهقة أو في النيل، بالإضافة إلى لجوئهن إلى حرق أنفسهن، أما الرجال فإنهم ينتحرون بالشنق أو قطع شرايين اليد أو إطلاق النار على أنفسهم أو الحرقما الذي يدفع المصريين إلى الانتحار؟ الإجابة البسيطة، هي "فقدان الأمل"، فالمواطن المصري فقد الأمل بالحصول على العدالة والكرامة ولقمة العيش وفقد الأمل بالحصول على وظيفة أو فرصة عمل أو التخلص من الفقر والفاقة والتعاسة أو عدم القدرة على الإنفاق على الأسرة، أو التخلص من الدكتاتورية والفساد والظلم، أو المرض.نحن أمام حالة تتفاقم، فمن الانتحار شنقا أو القفز عن جسر أو بناية مرتفعة إلى شرب السم وإطلاق الرصاص على النفس، مما يعبر عن حالة "اليأس" التي وصل إليها الناس، وهذه الظاهرة تشمل الرجال والنساء والشباب وحتى الأطفال، وتقدر الإحصاءات أن نصف المنتحرين دون سن الأربعين.مصيبة نظام حكم الطغمة العسكرية الجاثمة على صدر مصر أنها ترى أن عمليات الانتحار مجرد "استعراض" وحالة إعلامية لا أكثر، وهذا يعني أن هذا النظام الانقلابي اليائس يتعامل مع الانتحار بـ"إنكار كامل"، فهو لا يرى في انتحار هذا العدد الكبير انتحارا لمصر كلها.