14 سبتمبر 2025

تسجيل

قراءة في الميزانية الاتحادية للإمارات 2013

16 ديسمبر 2012

أقرت مؤخرا ميزانية الحكومة الاتحادية للإمارات لعام 2013 لتتماشى مع التوجه المعتمد في عام 2011 والخاص بإصدار ميزانية صفرية دون عجز للأعوام 2011-2013 على أن يوجه الإنفاق العام بما يخدم رؤية الإمارات لعام 2021، علما بأن ميزانية الحكومة الاتحادية وحدها لا تعكس الأوضاع المالية الجيدة للدولة على اعتبار أن هناك موازنات الإمارات المحلية، وخاصة موازنتي إمارتي أبو ظبي ودبي واللتين يفوق الإنفاق فيهما الإنفاق العام في الموازنة الاتحادية، إلا أنها مع ذلك تقدم مؤشرات عامة عن الأوضاع المالية وكفاءة الإنفاق الحكومي. أما بيانات الميزانية الاتحادية لهذا العام، فإنها تشير بوضوح إلى الرغبة الأكيدة لدى متخذ القرار الاتحادي في الاستغلال الأمثل للموارد المالية المتاحة، خصوصا بعد سنوات من العمل الجاد الرامي إلى إيجاد مصادر للتمويل الذاتي للميزانية الاتحادية وتقليل الاعتماد على مساهمات الإمارات من خلال العوائد النفطية. وفي هذا الصدد تعتبر الميزانية الاتحادية للدولة نموذجا يحتذى به لمستقبل الأوضاع المالية ليس في دولة الإمارات فحسب، وإنما لدول مجلس التعاون الخليجي والبلدان المنتجة للنفط بشكل عام، حيث تم في السنوات الماضية إيجاد قنوات دخل إضافية بعيدا عن عائدات النفط، بحيث أصبح التمويل الذاتي يشكل نسبة كبيرة من إجمالي تمويل الميزانية الاتحادية. وقدرة إيرادات ميزانية عام 2012 والتي صدرت مبكرا بمبلغ 44.6 مليار درهم ومصروفات تقديرية بالمبلغ نفسه ودون عجز، وذلك للعام الثالث على التوالي، حيث يبلغ إجمالي المصروفات للسنوات الثلاث 133 مليار درهم، وهو مبلغ يلبي احتياجات برنامج الحكومة الاتحادية الرامي إلى تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين في الدولة. وإذا ما أضيفت إلى بنود هذه الميزانية موازنات الجهات الاتحادية المستقلة، فإن إجمالي الإيرادات سيصل إلى 52 مليار درهم، مما يوفر فائضا يقدر بخمسة مليارات درهم من إجمالي الإنفاق البالغ 47 مليار درهم. وتعبر أوجه المصروفات عن التوجهات الإستراتيجية للحكومة الاتحادية ورؤية الدولة المستقبلية، حيث خصص مبلغ 22.7 مليار درهم أو ما نسبته 50.9% من الإنفاق العام لقطاع البنى التحتية الناعمة والتنمية الاجتماعية، وبالأخص التعليم والصحة والإسكان. وفي هذا الجانب استحوذ التعليم بشقيه الأساسي والجامعي على ما قيمته 9.9 مليار درهم أو ما نسبته 22.2% من إجمالي الإنفاق، حيث بلغت حصة التعليم الأساسي 6 مليارات درهم، وهو ما يشكل نسبة كبيرة من الإنفاق تبلغ 13.5% تقريبا، حيث تسعى الحكومة الاتحادية إلى دعم التوجهات الجديدة لوزارة التربية والرامية إلى تطوير التعليم الاتحادي ليرتقي إلى مستوى التعليم المحلي في الإمارات ودعم الجهود المبذولة لإدخال تقنيات التعليم الحديثة لمدارس الدولة. وإذا ما تمكنت وزارة التربية والتعليم من إنجاز هذه التطلعات، فإن مخارج التعليم ستسدي خدمة كبيرة للتوجهات الحكومية الساعية إلى بناء اقتصاد جديد قائم على المعرفة، وهو ما يتناسب والتوجهات العالمية وطبيعة العلاقات الدولية المستجدة، مما سيمنح دولة الإمارات أفضليات عديدة في علاقاتها الاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي. وفي سبيل دعم التعليم الجامعي، فقد خصصت له اعتمادات قدرها 3.9 مليار درهم، وهو ما يشكل 8.7% من ميزانية الدولة، مما سيتيح تطوير التعليم الجامعي المحلي من جهة وزيادة البعثات المقدمة للمواطنين للدراسة في الخارج من جهة أخرى. ووجهت ضمن بنود الموازنة أهمية خاصة للخدمات الصحية وتطويرها، حيث تم رصد مبلغ 3.4 مليار درهم وبنسبة 7.6% من مصروفات الميزانية، حيث تضمن ذلك بالإضافة إلى تقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين، إقامة مراكز ومرافق صحية جديدة لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الصحية. وفي الوقت نفسه خصصت مبالغ لبرنامج الشيخ زايد للإسكان ومبلغ 5.2 مليار درهم للهيئة الاتحادية للماء والكهرباء لتنفيذ المزيد من المشاريع في هذا المجال، خصوصا وأن نسبة الطلب على خدمات المياه والكهرباء مرتفعة جدا بسبب ارتفاع حصة الأفراد من هذه الخدمات والتي تفوق المعدلات العالمية. ومن خلال هذه البيانات توجه الحكومة الاتحادية العديد من الرسائل الإيجابية لقطاع المال والأعمال والتي تأتي من ضمنها متانة الوضع المالي في الدولة وقدرته على التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية وتجاوزها، مما يؤدي إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد المحلي ويعمل على استقطاب المزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، مما سيؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة من خلال زيادة معدلات النمو، وبالأخص للقطاعات الاقتصادية غير النفطية.