18 سبتمبر 2025

تسجيل

اليابان في معرض الدوحة للكتاب

16 ديسمبر 2012

خير لك أن تضيء شمعة بدلا من أن تلعن الظلام.. هذه مقولة حكيمة قديمة، أرددها بيني وبين نفسي عندما أسعد بزيارة كل معرض للكتاب يقام هنا في الدوحة أو في أية عاصمة عربية أخرى، فعلى الرغم مما نعانيه جميعا في حياتنا اليومية من متاعب أو مصاعب أو مصائب، نتيجة لما نشعر به من اهتزاز الأرض العربية تحت أقدامنا، فإن معارض الكتاب في عواصمنا العربية تمثل بوابات للأمل في تجاوز العثرات والسلبيات، من خلال إشاعة أجواء الفكر الحر المستنير الذي يسهم في إزاحة أشباح الانغلاق والتشنج. ها أنذا أعود إلى الدوحة، متشوقا للقيام بجولات يومية، صباحية ومسائية، عبر أجنحة معرض الدوحة الدولي للكتاب، وهو العرس الثقافي الثالث والعشرون والذي يتجدد كل سنة، أما سر هذا التشوق فإنه يرجع - بكل بساطة - إلى أني لم أشهد المعارض الثلاثة التي سبقت هذا المعرض الجديد، وبالتالي فإني لم أتابع ما كان يمكن أن أتابعه، وربما تكون هناك إصدارات جديدة مفيدة فاتني أن أقتني نسخا منها، وأطمح لأن أقتني مثيلاتها خلال جولاتي المتعطشة للارتواء من ينابيع الثقافة والفكر والفن، خصوصا أن هذا المعرض الجديد يرفع شعارا جميلا يتمثل في أنه ملتقى الفكر العالمي، فضلا عن أن اليابان هي ضيف الشرف لهذا المعرض، وهذا يعني أن اليابان ليست مجرد تويوتا وميتسوبيشي وأجهزة إليكترونية متعددة الاستخدامات في نظرنا نحن العرب، كما أن قطر ليست في نظر اليابانيين مجرد نفط وغاز، فلليابان ما لها من فنون وثقافة شرقية عريقة، ولقطر فنون وثقافة تنتمي للتاريخ العربي- الإسلامي العريق، وفي هذا السياق لا بد لي من القيام بدعاية مجانية لكتاب صغير الحجم، لكنه عظيم الأهمية، ولهذا فإني أعيد قراءته بين الحين والحين. العرب- وجهة نظر يابانية.. هذا عنوان الكتاب الذي أقوم بالدعاية المجانية له، وهو ليس مكتوبا باللغة اليابانية، وإلا ما كنت قد استطعت قراءة حرف واحد منه، كما أنه ليس مترجما منها إلى لغتنا العربية، لأن مؤلفه الياباني مستشرق شهير، وقد قام بتأليف كتابه هذا باللغة العربية التي يتقنها خير إتقان، وسيلاحظ قراء هذا الكتاب أنه مكتوب بأسلوب عربي جميل، لا يجعلهم يحسون أو يتصورون أن مؤلفه ياباني، هو البروفيسور نوبواكي نوتوهارا الذي يشير إلى الدافع الذي حدا به لأن يكتب عنا نحن العرب، قائلا: أربعون عاما من عمري هي مدخلي إلى هذا الكتاب، بدأتها طالبا في قسم الدراسات العربية بجامعة طوكيو، ثم مدرسا للأدب العربي المعاصر في الجامعة نفسها.. أربعون عاما وأنا أسافر إلى العواصم العربية والأرياف والبوادي، أرى وأتأمل وأكتب انطباعاتي للقارئ الياباني.. أربعون عاما تدفعني دفعا لأقول بعض الأفكار والانطباعات عن الشخصية العربية المعاصرة، وها أنذا أفتح عيني لأرى بعين المراقب المقارن، ولكنه المراقب المحب الذي أعطى الشخصية العربية حتى الآن أربعين سنة من عمره. تحية من القلب لربان سفينة الثقافة والفنون والتراث في قطر، سعادة الوزير- الكاتب المستنير الدكتور حمد عبد العزيز الكواري، ولكل من يعاونونه بالجهد الصادق والعمل الدؤوب في قيادة هذه السفينة الرائعة التي تمخر عباب الفكر العالمي، والتي تستضيف عبر معرض الدوحة للكتاب في نسخته الجديدة ثقافة شرقية عريقة تتمثل في اليابان، وإذا كان البروفيسور نوبواكي نوتو هارا قد شاء أن ينفق من عمره أربعين عاما لكي يرانا ويتأملنا نحن العرب، فإني أتصور أنه يجدر بنا أن نتأمل تجربة الشعب الياباني الذي نهض من تحت أنقاض بلاده بعد الحرب العالمية الثانية ليحقق ما يجمع كثيرون على أنه معجزة إنسانية بكل المعايير.