15 سبتمبر 2025

تسجيل

جزارٌ وخرفان

16 ديسمبر 2011

صدقت التوقعات والله!..فحين خرج لنا أوباما قبيل تنصيبه "جزاراً" جديداً لمنطقة الشرق الأوسط وتحديداً للحظيرة العربية؛ تعالت الأصوات المهللة له والتي كان معظمها ناطقاً بلغة الضاد.. أوباما طيب مثلنا!..أوباما لطيف مثلنا!..أوباما قلبه حنون مثل قلوبنا!..أوباما أصوله مسلمة مثلنا!..أوباما عطوف ورؤوف و(خروف) مثل العرب تماماً مثلنا!.. اليوم ومع سقوط قناع إسرائيل الجديد في الحادثة الجديدة (لقافلة الحرية المسالمة) التي تجاهلها الإعلام العربي والعالمي وسط (ثورات) الوطن العربي، تتكشف أنياب أوباما المغروسة بخاصرة بريئة تتمثل في جسد غزة العظيمة!.. اليوم كل الألسنة عليها أن تخرس طوعاً، لأن المطبلين الذين هللوا لمجيء أوباما لاحتلال سدة الحكم في البيت الأبيض ومنه انطلق احتلاله الأسود لمنطقتنا العربية، ستجدونهم اليوم يتنصلون من الهرج والمرج الذي أصابونا به حين اعتلى هذا (الجزار) مقصلته وبدأ في تصنيف الخراف التي تستحق موتاً رحيماً وتلك التي يجدر بها الموت السريع وأخرى التعذيب قبل الموت وتلك موتاً شنيعاً!.. صدق توقعي وبلاشك توقعات الملايين الذين قالوا: لن يختلف هذا الأخرق عن ذاك الأحمق الذي سبقه!.. كلاهما تشابها في كل شيء: الابتسامة الجوفاء نفسها.. التلويح بالأيدي والإيماءة، والشعور بثقة عمياء في الخطب التي تمجد الولايات المتحدة الأميركية ولا أحد غيرها!..الوعود بأمن إسرائيل ووجود إسرائيل وحدود إسرائيل وأحقية هذا الكيان بالدفاع عن نفسه بكل السبل المتاحة!..أين الاختلاف إذن؟!!..نعم.. كان الاختلاف بأن السلف كان أبيض محمرّاً والخلف أسمر مسوّداً!!..ومع سقوط أبطال قافلة الحرية التي أمطرتها القوات الإسرائيلية الآثمة بوابل من الرصاص الحي، لمجرد اندفاعها الإنساني الرحيم لنصرة شعب محاصر منذ عام 2007، تسقط ورقة التوت الأخيرة التي أخفت عورة أوباما الفاضحة في سياسته الموجهة ضدنا كعرب ومسلمين والمتواطئة كلياً مع الإسرائيليين، فأين الحكام العرب والدعاة والنشطاء وأصحاب الأقلام البارزة الذين غنوا بالدف والمزمار لأوباما حينما أعلنت لجنة الانتخابات الأميركية فوزه واستحقاقه لحكم أمريكا وباقي مستعمراتها في المنطقة العربية؟!..أين هم الآن؟!.. أريد أن أسمع تلك الأصوات التي (نهرتني) حينها ووبختني أحياناً أخرى حينما كتبت، قبل أن يرقص هذا المخادع مع زوجته الشمطاء رقصة الظفر بالرئاسة، بأنني لن أحب هذا الأسمر أبداً وانه لن يختلف عن سابقه بوش إلا باختلاف لون البشرة واللكنة فقط، وما عداهما فالإجرام يسري في دماؤهما!.. وما يقتلني ويكاد يصيبني بجلطة مميتة هو إصرار بعض الحكومات العربية وأعني صراحة الأردن ومصر، على اللجوء لواشنطن في إيجاد حل سريع لطيش إسرائيل في المنطقة، رغم وقوع غزة في قلب الأمة وتحكم القاهرة بمعبر رفح المحاذي لها مباشرة، وامتلاكها مع الأردن سلاح المقاطعة واللحاق بركب الوطنية العربية التي تخلص لشعوبها ولا غير!!.. فمن هو الأقدر على نصرة شعب يعيش بيننا نحن أم أمريكا؟!!..نحن الذين نتشارك معه في اللغة والدين والمصير والموقع والدم والمبادئ، أم الأمريكيون الذين لا يرون في حصاره وقتله سوى تمديد لمصالحهم في المنطقة وإرضاء كريه لمجالس اللوبي الصهيوني الذي يحكم أمريكا وغيرها من كراسي الحكم في العالم؟!..عجباً والله!.. ولعلكم تسألون وماذا بعد؟.. لا شيء.. كانت هذه إجابة تحمل الكثير من الأجوبة.. حسبي الله ونعم الوكيل في العرب.. العرب الذين يعلمون بخيانتهم ومع ذلك يأسفون لحال غزة!.. العرب الذين يجتمعون ويتاجرون بمشاعرنا حينما يقال اجتماع وزاري عربي عاجل لبحث أي اعتداء إسرائيلي سافر، في الحقيقة بحث طريقة عاجلة لكمد وكبت الشارع العربي من الصداع الذي تسببه للحكومات، طبعاً هذا في حال قيام تلك الشعوب بشيء يذكر، وهذا لا يمكن أن يحدث في ظل ما يسمى بالربيع العربي، الذي أدخل الجامعة العربية في دوامات الاجتماعات التي لا نعلم إن كانت تعزز من هذه التسمية أم تزيدها دموية وخراباً!... حسبي الله على من بيده النصرة ولم ينصر ووعد فكان الخائن الأكبر!.. قولوا إنني عاطفية ولا أفهم وأتحدث بلغة القلب، لكني أقول: وحده المجرم الآثم الفارغ من أي إحساس أو عاطفة هو من يرى كل ذلك ولا يقول يا حراااام!.. فربما حسبنا له ذلك ردة فعل واضحة وأعفيناه من لومنا!!. فاصلة أخيرة: في بقعة منسية.. خلف بلاد الغال قال لي الحمال: من أين أنت سيدي؟ فوجئت بالسؤال أوشكت أن أكشف عن عروبتي، قررت أن أحتال!! فقلت بلا تردد: أنا من الأدغال!! حدق بي منذهلا وصاح بانفعال: حقا من الأدغال؟! قلت: نعم! فقال لي: من عرب الجنوب.. أم من عرب الشمال؟! "أحمد مطر"