16 سبتمبر 2025
تسجيلإن مجلس الشورى هو أحد دعائم قوة وتماسك المجتمع بهذا الدين العظيم، وله أهمية كبرى في النهوض بالوطن والمواطن، على مر العصور وتعاقب الأجيال. والشورى في حقيقتها طاعة لله تعالى؛ فقد أمر الله بها رسولَه صلى الله عليه وسلم مع تأييده بالوحي، فقال تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: ١٥٩]. وجعل الله تعالى الشورى من صفات الطائعين المستجيبين لربهم سبحانه فقال تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [الشورى: 38]. •الشورى اقتداء بهدي النبي ﷺ: والشورى أيضا اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد وردت مواقف كثيرة في سنته تؤكد على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشاور أصحابه رضي الله عنهم في الأمور التي تنزل بالمسلمين من النوازل والمستحدثات ولا يكون فيها نص شرعي يجب اتباعه، وإنما النظر والفكر والخبرة بالحياة والناس والتجارب والحس والمشاهدة. قال أنس رضي الله عنه: "استشار رسول الله الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: «إن الله قد أمكنكم منهم، قال: فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم، قال: فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ... فقام أبو بكر، فقال: يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء. وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم". وأخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الشورى أمانة كبيرة فقال: «المستشار مؤتمن». (رواه أصحاب السنن)؛ وتوضيح ذلك أن المستشار أمين على ما استُشير فيه، فإذا عرف المصلحة فكتمها، أو أشار بخلافها، فقد غش وترك الإحسان. وظل رسولنا الكريم على هذا النهج في اتباع منهج الشورى في التأسيس لدولته العظيمة حتى تمت أركانها وتوفاه ربه سبحانه وتعالى، ثم سار أصحابه من بعده والخلفاء والأئمة على نهجه صلوات الله عليه في الاهتمام بالشورى؛ فيستشيرون الأمناء من أهل الدين والعلم والاقتصاد والأمن والثقافة في الأمور المهمة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضع الكتاب والسنة لم يتعدوه إلى غيره لأن الشورى إنما تكون في الأمور المباحة، أي: التي لا نصَّ فيها، أما ما عُرف حكمه فلا شورى فيه، إنما العمل للتشريع المنزَّل في الكتاب والسنة. •أعضاء مجلس الشورى والمسؤولية العظيمة: وأهل المشورة هم أهل الاختصاص من ذوي العلم والفهم، والعقل والخبرة والحنكة، كل بحسب اختصاصه وعلمه؛ لأن الشورى عبادة، وبحث عن الحق والصواب، ووسيلة للكشف عن المواهب والقدرات، واختبار لمعادن الرجال، وجمع للقلوب وتأليف بينها على العلم والخير والإيمان، وتربية للأمة، وبناء لقواها الفكرية، وتنسيق لجهودها، وإفادة من كل عناصرها، وإغلاق لأبواب الشرور والفتن والأحقاد. ولذلك، فإن أعضاء مجلس الشورى عليهم مسؤولية كبيرة في خدمة الدين والوطن والأمة، فليست الشورى منصبًا شرفيًّا، وإنما أمانة لا بد من القيام بحقها بما فيه النفع للمجتمع وأفراده ورفعة الأمة وعلو شأنها. •آمال وطموحات الشعب في مجلس الشورى: نأمل من مجلس الشورى أن يكون له دور رقابي على أداء الجهات الحكومية التي تمس معيشتهم وحياتهم اليومية، وضرورة أن تواكب أعمال المجلس طموحات القيادة الحكيمة في توفير حياة ناجحة لكل مواطن ومواطنة مع عدم التوقف عند حد معيّن مهما كانت النجاحات السابقة في أعمال المجلس منذ تحديثه، ويجب أن تكون دورات المجلس تحمل كثيراً من التجديد والتغيير إلى الأفضل ومناقشة هموم المواطنين ومشاكلهم، وإيجاد حلول لها. وكلنا نتفاءل بالخير بأن يكون مجلس الشورى حازماً في اتخاذ قراراته التي تخدم جميع المواطنين، فهو الممثل عن الشعب، بل بل هو الجسر الذي ينقل متطلبات وطلبات وطموحات جميع المواطنين والمواطنات إلى القيادة العليا والعكس. •دعاء: نسأل الله التوفيق والسداد لمجلس الشورى ولجميع الأعضاء، وأن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن ينفع الله بهم البلاد والعباد.