12 سبتمبر 2025

تسجيل

قرة عين الأمهات

16 أكتوبر 2014

إن عظم المسؤولية على الوالدين تجاه أولادهما ثقيل وهام، لارتباطه بعملية البناء؛ بناء النفس البشرية، ولعل أهم هذه المسؤوليات مسؤولية التربية والتأديب؛ يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" التحريم:6، ولاشك في أن للعادات والمفاهيم التي ينشأ عليها الإنسان ويكتسبها في صغره من أهله، الأثر الكبير في رسم سلوكه، وتكوين شخصيته عندما يكبر، ولذلك كان على الوالدين أن يحرصا أشد الحرص على اكتساب الولد لكل خلق حميد، وكل ما ينفعه في دنياه وآخرته، وكثير من الآباء الذين يسعون جاهدين ويكدون في الحياة ليل نهار، لتأمين المتطلبات المادية لأولادهم، وهم يحسبون أن واجبهم ينتهي عند ذلك لا يتعداه، والأمر خلاف ذلك، فإن الأب الذي يقضي أغلب وقته خارج بيته بعيد عن أسرته، ولا يتسنى له مراقبة سلوك أولاده وتوجيهم، سوف يندم أشد الندم عندما يكبر أولاده، ولا يرتضي منهم خلقاً من أخلاقهم، ويحاول إصلاح فسادهم فلا يجدي فعله شيئاً، لأن من شب على شيء شاب عليه، ومن نشأ على عادة بات من الصعب جداً تغيير هذه العادة في سلوكه، لذا تلعب الأجواء الأسرية دوراً حاسماً في التربية وخاصة البنات بخلاف تربية الأولاد، وهذا بحكم انطوائية البنات وارتباطهن أكثر بالأسرة، بخلاف الأولاد الذين يجدون متنفساً معقولاً خارج النطاق الأسري، خاصة في فترة المراهقة وما يليها، ومن هذا المنطلق فإن الأنماط الأسرية لها بصمة لا يستهان بها في تكوين شخصية البنت، بل إن بصمة الأم أكثر تأثيراً عن غيرها من أفراد الأسرة لالتصاق البنت بأمها سلوكياً ووجدانياً، إضافة إلى كل هذا لا نستطيع أن نهمل مشاعرها، والتأثر المفرط بكل ما يدور حولها، وهذا وإن كان من طبيعة المرأة الفطرية إلا أنه عامل شديد الحساسية في حياة البنات، فالأم الصارمة أو الجافية أو الدلال الزائد قد تصل إلى منعطفات نفسية كارثية، وتربك الإشباع العاطفي والنفسي للفتاة، وتوقعها ضحية لأفكار سوداء أو التمرد والعناد، فإن الأم الغافلة عن أبنائها والمشغولة عنهم بأعمال البيت أو بالزيارات الخارجية، تقصر تقصيراً كبيراً في حق أولادها، وتضيع الكثير من الخير عليهم، ولا تؤدي المهمة الأساس المطلوبة منها في الحياة، وهي تنشئة الجيل وبناء مستقبل الأمة، ولذلك حرص الإسلام على أن تلتزم المرأة بيتها في أغلب أوقاتها، حتى تستطيع رعاية أمور زوجها وأولادها.