29 أكتوبر 2025
تسجيلالخليفة الأموي الحادي عشر أبو العباس الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان بن الحكم الأموي الدمشقي، تولى الخلافة في ربيع الآخر عام 125 هـ حتى مقتله في جمادى الأول عام 126 أي أنه حكم ثلاثة عشر شهراً فقط. فما هي قصته ولماذا تولى أمر المسلمين وكيف كان سبباً في انهيار وسقوط الدولة؟. بدايةً نقول إنه لما قارب أبوه الخليفة يزيد بن عبدالملك على الوفاة كان عمر الوليد تقريباً إحدى عشرة سنة، فعهد بالخلافة لأخيه رجل الدولة القوي هشام بن عبدالملك بشرط أن يكون الوليد بن يزيد هذا ولياً للعهد من بعده، فكان هذا الترتيب وبمقتضى السنن الإلهية أول مسمار في نعش تلك الامبراطورية العربية العظيمة التي سادت الدنيا في وقت ما وترامت أطرافها من حدود الصين شرقا إلى الأندلس غرباً وذلك لأن نشأة الوليد كان فيها الكثير من الفسق والمجون والبعد عن الدين بسبب مؤدبه ومربيه الزنديق الفاسق عبدالصمد بن عبد الأعلى والذي نكرم القارئ الكريم عن التوسع في الحديث عنه لشدة فسقه بل ولزندقته وخروجه عن الملة. ولما حكم هشام بن عبدالملك أكرم ابن أخيه الوليد إلى أن بانت فضائحه من شرب الخمر ومجالس اللهو، فأراد أن يبعده عن هذه الأجواء فجعله أميراً على حملة حج ذلك العام، فقام الوليد بأخذ كلاب الصيد معه للحج خفية من عمه الخليفة ووضعها في صناديق ولم يعرفوا عنها حتى سقط أحدها فسمعوا صوت الكلب فعرفوا بأمره. وأيضا قام بصنع قبّة يريد أن ينصبها فوق سطح الكعبة ويجلس هو وأصحابه هناك، ولكنه لما وصل مكة هاب أن يفعل ذلك خوفاً من الناس وإنكارهم عليه، واستمر الوليد على منواله برغم محاولات عمه نهيه عن هذه الموبقات حتى قال له ذات مرة: ويحك! والله ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا؟ فإنك لم تدع شيئاً من المنكرات إلا أتيته غير متحاش ولا مستتر. وعزم بعدها أن يعزل الوليد ويولي ابناً له يقال له مسلمة (وليته فعل) ولكن مسلمة هذا لم يكن بأفضل حال من الوليد، بعد ذلك أخذت العلاقة بين الوليد وعمه تتدهور حتى فر الوليد إلى الصحراء وبقي فيها إلى حين وفاة عمه فآلت إليه الخلافة وتولى أمر المسلمين هذا التافه الفاسق الغبي الأرعن، فأول ما قام به عند توليه مقاليد الحكم هو مصادرة أموال عمه، ثم أخذ يضيق على أبناء عمومته فسجنهم وأهانهم وصادر أموالهم بل إنه أمر بسجنهم وأبقى بعضهم تحت الإقامة الجبرية، وبعد ذلك انغمس الوليد في اللهو والمجون فكان مهتماً جداً بالترفيه التافه المحرم وإن لم يفرضه على شعبه ولكنه كان منغمساً هو بنفسه فيه يأتي بالبرابيط والطنابير (العود والطبل) والمغنيات وغيرها من آلات وأصناف اللهو والمجون ويروى عنه أنه أحب فتاة نصرانية فائقة الجمال اسمها سفرى فقال فيها أبياتا يقول فيها: ما زلت ارمقها بعيني وامق ... حتى بصرت بها تقبّل عودا عود الصليب فويح نفسي من رأى... منكم صليبا مثله معبودا فسألت ربي أن أكون مكانه... وأكون في لهب الجحيم وقودا بعدها تدهورت الأمور على الوليد سريعاً حتى قامت عليه الثورة، وتم قتله على يد أبناء عمومته، وكان كل هذا في ظرف ثلاثة عشر شهراً فقط، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة لهذا الاستهتار والاستخفاف بثوابت الدين والأمة أن انهارت هذه الامبراطورية العظيمة بعد حكم الوليد وطبيعي هذا، فأي هيبة بقيت لبني أمية بعدما رآهم الناس ما بين فاسق عربيد أو مسجون مذلول مهان؟. فانهارت هيبتهم حتى تهاوى حكمهم وانتقل بعدها إلى بني العباس ولم ينته أمر الدين معهم ولا الأمة ولم يتوقف الزمن عندهم بل مضت الحياة كأن لم يحكموا يوماً ولم تكن لهم دولة عظمى في يوم من الأيام. @ZkvVir