15 سبتمبر 2025
تسجيلواحدة من أخطر توصيات "مؤسسة راند" المرتبطة بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، هي المطالبة بإقصاء الإسلام "المتطرف" من المناهج الدراسية في الدول العربية والإسلامية والاستعاضة عنه بــ "إسلام وسطي"، بشر به مؤتمر الجفري في الشيشان، ونزع "الألغام" الدينية من دروس اللغة العربية، وإلغاء "الآيات القرآنية" التي تحث على "الجهاد والكراهية" من مناهج التربية الإسلامية. بمعنى آخر المطلوب هو "تنظيف" العقل العربي من "التطرف" و"التطرف المحتمل"، وكل ما يؤدي إلى هذا التطرف.الحقيقة أن عددا من الدول العربية بدأت بتطبيق توصيات "راند" وغيرها من المؤسسات الغربية، بنشاط تحسد عليه، وكانت البداية من مصر التي عملت على تنظيف كل المناهج من التطرف ومن "الآيات القرآنية" غير المرغوب بها، وصولا إلى إلغاء مادة التربية الإسلامية بالكامل من المناهج الدراسية. يعني بدل استبدال آية هنا وحديث نبوي شريف هناك، "أخذوا الأمر من قصيره" وألغوا كل منهج الدين في الدراسة.في الأردن، هناك عاصفة كبيرة جدا حاليا على عمليات "التطهير" التي تتم في المناهج الدراسية، وهي عاصفة كبيرة أجبرت وزير التربية والتعليم، على تشكيل لجنة لدراسة الموضوع، بعد أن ثار الناس، بمن فيهم وزراء ونواب سابقون على العبث في المناهج الدراسية وتنظيفها من المفاهيم الإسلامية وإلغاء الحجاب في الدروس والاستعاضة عنه بصور نساء سافرات. هذا الأمر دفع الوزير والنائب السابق بسام العموش إلى الكتابة على صفحته على الفيس بوك: "نقول لكل من يحارب بالسلاح أو الفكر مجموعة إسلامية الساحة بينكم وبينهم. أما إذا كنتم تحاربون الإسلام نفسه فاعلموا أننا جميعا لكم بالمرصاد بأرواحنا ودمائنا وسيوفنا وأموالنا وأولادنا لأننا من دون الإسلام لسنا بشيء".وبادر حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني إلى الهجوم على التلاعب بالمناهج الدراسية من قبل الحكومة الأردنية. واعتبر الحزب هذه التغييرات "مساسا واضحا بتراثنا وقيمنا يقصد منه إبعاد الأجيال القادمة عن دينها وعروبتها وأصالتها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها.. وإن مثل هذا التوجه مستنكَر ومرفوض".الجديد في القصة أنه نقل عن وزير التربية والتعليم الأردني محمد الذنيبات قوله: "إن التاريخ لن يرحمني إن لم أتخذ إجراءات تعيد الثقافة العربية الإسلامية إلى المناهج". وسارع إلى تشكيل لجنة لإعادة الأمور إلى نصابها قبل نهاية الشهر الجاري، وتعهد الذنيبات بتصحيح الأخطاء التي حصلت، وإعادة التوازن إلى المناهج على أسس عربية إسلامية تتوافق مع مجتمعنا الإسلام". قصة إقصاء الإسلام من المناهج الدراسية الأردنية أثارت الشعب الأردني كله، وأجبرت الحكومة على التراجع السريع أمام الهجوم الجاد. وسواء كان تراجع وزير التربية الأردني أمام هذه العاصفة الشعبية، حقيقيا أو تكتيكيا لامتصاص الهجمة، خاصة مع موسم الانتخابات النيابية، وتحول المناهج الدراسية إلى قضية انتخابية بامتياز، فإن هذا الأمر يكشف أن الضغوط الشعبية قادرة على عكس اتجاه الحكومات، وأنها غير قادرة على تنفيذ الأجندات الغربية التي يتبناها "قلة من العلمانيين" الذين يعملون كوكلاء محليين. لكن ما يجري في مصر والأردن وغيرهما من البلدان يكشف أن الهجمة على الإسلام مستمرة، وأن الإسلام هو المستهدف وليس شيء آخر، وهو ما يحتاج إلى تكاتف الجهود للتصدي له بكل قوة وصلابة وعزيمة وإرادة، فلا خير في الأمة إذا لم تدافع عن دينها.