14 سبتمبر 2025

تسجيل

النفط والصراع السياسي في ليبيا

16 سبتمبر 2016

أعلنت القوات الموالية للحكومة غير المعترف بها في ليبيا، أنها سيطرت على ميناءي السدرة ورأس لانوف الرئيسيين في الشرق، إثر هجوم مباغت استهدف منطقة الهلال النفطي التي تتبع سلطة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في طرابلس. وقال العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم هذه القوات التي يقودها الفريق أول خليفة حفتر، "سيطرت قواتنا المسلحة الباسلة على بوابات أجدابيا وميناء السدرة والحي الصناعي والمنطقة السكنية وميناء رأس لانوف، والاشتباكات الآن على ميناء الزويتينة". وعقب هذه التطورات، دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج جميع الأطراف إلى إنهاء الأعمال الاستفزازية، والاجتماع بشكل عاجل على طاولة واحدة لمناقشة آلية الخروج من الأزمة وإنهاء الصراع.كما صدر بيان مشترك من حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يدين سيطرة قوات حفتر على الموانئ النفطية، ويدعو كل الأطراف إلى وقف إطلاق النار فورًا، والامتناع عن أي عمليات قتالية أخرى. كما يدعو كل القوات إلى تجنب أي عمليات يمكن أن تتسبب بأضرار للبنية التحتية للطاقة في ليبيا، أو تتسبب بأي عراقيل أخرى لتصديرها. وتأتي تلك التطورات في إطار الصراع السياسي الذي تحول لصراع عسكري بين القوى المختلفة في ليبيا، عقب الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في العام 2011، حيث يحاول كل طرف السيطرة على مقاليد الحكم من خلال السيطرة على مقدرات البلاد وثرواتها وأهمها الثروة النفطية.وبرغم كل محاولات الحل السياسي، التي كان آخرها اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه منذ حوالي تسعة أشهر في المغرب، والذي أوجد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، إلا أن قوى الشرق الليبي ما زالت تضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاق واستكمال بناء مؤسسات الدولة الجديدة وفقًا للاتفاق. حيث رفضت هذه القوى منح الثقة للحكومة الجديدة، وكذلك قرار رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في شهر يونيو الماضي، بإعلان المنطقة من درنة شرقًا وحتى بن جواد غربًا منطقة عسكرية، والذي كان يهدف إلى السيطرة العسكرية على الهلال النفطي وتعطيل المؤسسة الوطنية للنفط ووقف تصديره، وهو ما حدث بالفعل خلال الأيام الماضية. ويرى بعض المراقبين أن السيطرة العسكرية على الهلال النفطي هي محاولة لإعادة تغيير قواعد المسار السياسي، والقضاء على اتفاق الصخيرات تمامًا، وفرض الصراع المسلح حلًا وحيدًا للأزمة السياسية. فقرار إعلان المنطقة الشرقية منطقة عسكرية يعني إلغاء كافة المؤسسات المدنية في هذه المنطقة وفرض الرقابة العسكرية عليها، وهو ما يعني عسكرة الكيانات السياسية والإدارية هناك، وكذلك فرض مزيد من التناقضات بين شرق وغرب ليبيا، في الوقت الذي يزداد فيه التقارب مع الدول الإقليمية الداعمة لحفتر وقوى الشرق الليبي، وهو ما يعني تكريس الاتجاه نحو تقسيم حقيقي لليبيا أو في أحسن الأحوال قيام اتحاد فيدرالي.وإذا ما وصلت الأمور إلى ذلك، فسيكون الهلال النفطي تحت إدارة دولية مشتركة تمنع سيطرة أي من الأطراف عليه، وهو ما يعني خروج المصدر الأول لثروة الشعب الليبي من تحت سيطرته. وهذا هو السبب الرئيسي للدعم الذي يلقاه خليفة حفتر وقوى الشرق الليبي من القوى الإقليمية والدولية رغم إصدارها بيانات التنديد بسيطرته على منابع النفط.لكن هل ينجح هذا المخطط ويصل لنهايته أم يكون الفشل حليفه؟ هذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة.