15 سبتمبر 2025

تسجيل

حزب الدعوة وإدارة أزمات العراق ؟

16 أغسطس 2014

في أول تصريح لرئيس الحكومة العراقية الجديد حيدر العبادي، وكبادرة منه لدول العالم التي رحبت بعزل نوري المالكي عن سدة السلطة، تعهد العبادي فيه بتصفير أزمات العراق مع دول المنطقة وإعادة الدور الطليعي للعراق في المنطقة والعالم!! وأعتقد أن هذا التصريح بدلالاته الواسعة من المبكر جدا التكهن بإمكانية تحقيقه في ظل الظروف العامة المحيطة بالعراق وشبكة الولاءات التي نسجها حزب الدعوة (حزب رئيس الحكومة) والتزامه بها! خصوصا وأن ما حصل من تسريح علني لزعيم حزب الدعوة / المقر العام ورئيس الحكومة نوري المالكي يشكل سابقة غير واردة في التاريخ العراقي المعاصر، فحيدر العبادي قد خرج للرئاسة الأولى من خارج سياقات بورصة الأسماء التي كانت متداولة وأبرزها الدعوي الغامض طارق نجم عبد الله الذي اختفى ذكره بالكامل ؟ ثم أن حزب الدعوة قد تنكر لرئيسه وقائده وطرده من السباق الرئاسي حرصا كما قال على استمرارية وديمومة الحزب في قيادة السلطة العراقية!! وهو حرص يترجم واقع ذلك الحزب ذي الارتباطات الخارجية، والخارج من رحم الانشقاقات التي أجهزت عليه ودمرته بالكامل. في تاريخ الحركة الوطنية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 لايوجد أي رصيد حقيقي وفاعل لذلك الحزب الطائفي الذي كان مجرد رغبة بريطانية/ شاهنشاهية في اختراق صفوف الحركة الوطنية والجماهيرية العراقية، ولم يقدم هذا الحزب شيئا للنضال الجماهيري العراقي بل كان منزويا في سراديب النجف وحكرا على فئة معزولة، وظهرت أول إشارات حركية له عام 1974 من خلال مجموعة صغيرة أطلق عليها الأمن العراقي وقتذاك تسمية ( الحزب الفاطمي )! ثم كانت إشارات أخرى في ربيع عام 1977 وأحداث مدينة النجف في ذلك العام، حتى جاء عام 1979 ..وبناء على تعليمات إيرانية من نظام آية الله الخميني أعلن الحزب ومعه مجموعة أخرى من الجماعات الطائفية الكفاح المسلح!! في زمن كان فيه نظام البعث العراقي هو المتحكم والمهيمن بالكامل على أمور العراق، وحيث وجهت للبنية التنظيمية لذلك الحزب ضربات أمنية ساحقة أجهزت عليه بالكامل لمحدودية عدد أعضائه وهرب قيادته لإيران والذين سرعان ما انضووا تحت إبط وعباءة الزعامة الإيرانية وذابوا في نظام الخميني بالكامل كما فعل المؤسسان محمد مهدي الآصفي وآية الله الشاهرودي اللذان تخلا عن الحزب وأطروحته كما تخلى عنه الإيرانيون بالكامل ونبذوه عام 1981 ليتحول للعمل العادي ويلجأ أنصاره للمنافي وتقبع قيادته في دمشق تحت رعاية المخابرات السورية، أما بعض القيادات ومنهم الجعفري وحيدر العبادي فقد لجأوا لبريطانيا ليأتي احتلال العراق أمريكيا عام 2003 وقد قلبت المعادلات ويعود ذلك الحزب ضمن من عادوا ليتبوأ منصبا قياديا في الدولة العراقية الجديدة أكبر منه ومن إمكانياته بكثير! وليفرز قائدا متأزما فاقدا لإبداعات الروح القيادية وهو المالكي قدر له أن يقود العراق في مهرجان الدم والفشل والنهب والحروب الطائفية! ولا أظن أن حيدر العبادي ومن خلال حزب الدعوة سيقدم شيئا جديدا لكونه بعقليته وشخصيته وبرنامجه استمرارا لفكر الحزب المتطرف ومنهجيته الغامضة وهو لايحمل معالم أو ملامح لمشروع نهضوي وطني حقيقي يتجاوز ويقفز على أسوار الطائفية ويؤسس لانطلاقة وطنية حقيقية.. وبين تمسك القائد الدعوي نوري المالكي بسلطته، وتعهدات العبادي خليفته بعهود ووعود خيالية تستمر ماكنة الفشل الحكومي العراقية في إنتاج أردأ برامجها السلطوية، حيدر العبادي في ظل خراب السنوات الثمان المنصرمة ومراكز القوى العشائرية والطائفية والميليشاوية التي أقامها المالكي لن يستطيع تقديم الكثير ولا حتى القليل، فالإرهاب قد حفر أخاديد واسعة في الوجه العراقي، وإرادات القوى الدولية والإقليمية ( إيران والغرب)، وإن تلاقت في ملف ترحيل المالكي وخلعه إلا أنها مختلفة في العديد من الملفات الساخنة الأخرى، الشيء المؤكد وفقا للخبرة الميدانية هو أن العراق مقبل على أيام عصيبة من عمليات الإرهاب والاغتيال، فحزب فاشل متأزم كحزب الدعوة لم يستطع إدارة أموره من المستحيل عليه إدارة أزمات العراق المعقدة، وستثبت الأيام القادمة مصداقية ما نقول... والله من وراء القصد..