14 سبتمبر 2025

تسجيل

المسلمون قادمون

16 أغسطس 2012

في زمن الثورات العربية المباركة وما قبلها وما بعدها من أحداث ووقائع أصبح لزاماً على الأمة أن "تتميز" وأن "تتمايز" في مواقف شعوبها وحكوماتها وأطياف تياراتها وحركاتها وجماعاتها ومؤسساتها فالمنعطف الذي جاءت به الثورات العربية منعطف مهم وخطير أدى إلى إحداث ثورة كبرى في كثير من الأفكار والقضايا والانتماءات بين شعوب وحكومات العالم العربي والإسلامي. فقد تمايزت الأمة بشعوبها وحكوماتها واختلفت في مواقفها وأفكارها وانتماءاتها قبل وأثناء وبعد الثورات العربية ولا تزال الأمة تنهل من تلك التغييرات إلى ما شاء الله فالتغيير سنّة كونيّة لابد أن تجري في الكون حتى يرث الأرض ومن عليها، وكان لابد لهذه الأمة أن تتغيّر ولقضاياها الساكنة عقوداً من الزمن أن تتحرك بعد جمود وتتفاعل مع الواقع بعد شبه موت وشلل تام كانت فيه قضايا العالم العربي والإسلامي تخضع لكلمتين لا أكثر هما "نشجب ونستنكر". اليوم أصبحت الأمة على مفترق طرق بين الحق والباطل والخير والشر، وأصبحت الحكومات مجبرة على أن تواجه قضايا ساخنة لابد أن تبدي معها موقفاً وإلّا ضاعت سيادتها وتلاشت هيبتها وأصبح الناس يفهمون ويعقلون أكثر من ذي قبل، فالحرية المتاحة والإعلام الحر قد كشف الغطاء وفضح المستور من جرائم تُمارس ومؤامرات كانت ولا تزال تُحيكها بعض حكومات العالم العربي ضد شعوبها وخيانات كانت تفعلها مع الكيان الصهيوني وغيره من أعداء الأمة، لقد تحرر الناس من سلطة الخوف والصمت وانطلقوا يبحثون عن الحق والحقيقة في الفضائيات والانترنت وأصبحوا يشاركون وينشطون مجتمعياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً عبر الفيسبوك وتويتر وغيرهما من وسائل التواصل والتفاعل مع الأحداث. ففي زمن الثورات العربية اتضحت مواقف الحكومات وكذلك الشعوب وأصبح المسكوت عنه حيناً من الدهر هو حديث الساعة بل وأُجبرت الحكومات والشعوب على بيان مواقفها وآرائها وبالتالي ردود أفعالها واتجاهاتها، فمنهم من وقف إلى جانب الطغاة وهم قلّة قليلة من الناس والحكومات العربية وهؤلاء مصيرهم سيكون مماثلاً لمصير الطغاة الذين أزال الله ملكهم بعد تجبرهم واستبدادهم وحكمهم بغير ما أنزل الله، فبعض الحكومات انكشفت وانفضحت بمواقفها مع الطغاة فمنهم من لم يرحّب بالثورات ولا بمطالب الشعوب في الحرية والعدالة ومنهم من تأخّر كثيراً في تأييده للشعوب ومنهم من طلب استضافة الطغاة من الحكام في دولهم ومنهم من قام "بتمويل" رموز الأنظمة المجرمة ودعم ترشيحها حتى بعد سقوط الطغاة كما في مصر حيث انكشفت بعض حكومات الخليج تحديداً في نواياها وتوجهاتها المؤيّدة لحسني مبارك ومن سبقه من فراعنة مصر الذين باعوا وطنهم للعدو وطأطأوا رؤوسهم له، فهؤلاء انكشفوا بأنهم "يحبّون" الطغاة أكثر من حبّهم للحرية والعدل، فما هو إلا وقت قصير بعد زوال حكم الطغاة في مصر إلا وقد بدأ هؤلاء يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المسّ فأخذوا يحاربون الإسلاميين وينتهجون نهج حسني مبارك ومن قبله كجمال عبدالناصر وغيرهم ممن حاربوا الإسلام والإسلاميين على أرض مصر، فهذه الحكومات قد سلكت طريقاً مسدوداً لن يقودها إلا إلى النهاية والهلاك في آخره فلم يتعظوا بنهاية المستبدين في الأرض وبدلاً من أن ينشروا العدل والحرية في أوطانهم ويلتفتوا إلى مطالب شعوبهم ويتقوا الله فيهم وفي أموال الناس وخيرات أوطانهم.. بدلاً من ذلك خافوا وفزعوا و"ارتبكوا" وارتكبوا الكثير من الأخطاء والممارسات التي ستعجّل في زوالهم ونهايتهم إن لم يصحّحوا خطاهم من جديد. وفي زمن الثورات وما بعدها كذلك تبين أن هناك من شعوب العالم العربي والإسلامي من يحملون كرهاً وعداءً غير مبرر للجماعات الإسلامية وللدعاة والعلماء بشكل عام من أولئك الليبراليين والعلمانيين الذين لا يريدون حكم الإسلاميين في الدول التي سقطت فيها حكومات الطغاة وأعداء الأمة، هؤلاء قد محّصتهم الثورات وظهروا على حقيقتهم الكارهة لحكم الله تعالى وأظهروا "محبتهم" وولاءهم للغرب والأمريكان وغيرهم من أدعياء الديمقراطية الكاذبة، فالولايات المتحدة الأمريكية وجرائمها في العالم بأسره في نظرهم هي رائدة الديمقراطيات في العالم بينما هي القاهرة للحريات والمستبدة لحقوق الشعوب والمنتهكة لسيادة الدول ويكفي أنها قد تأسست على أنقاض إبادة الهنود الحمر "سكان أمريكا الأصليون"، فهؤلاء المغرورون المزهوّون بكبرياء أمريكا والغرب قد سقطوا كذلك وانكشفت عوراتهم وسوءاتهم ومصيرهم كذلك سيكون مصير أمثال الطغاة المستبدين في الأرض لأنهم اتخذوا من الغرب وأمريكا مثالاً سيئاً لمفهوم الحريّة والعدالة بل والأخلاق والقيم الإنسانية. أما عموم الشعوب فهم الذين فرحوا بانتصار الثورات وزوال حكم الطغاة ويأملون في انتشار العدل والحرية في العالم العربي والإسلامي بل ويريدون إقامة شرع الله وحكمه في أوطانهم وفوق أرض الله ليعم الخير والصلاح من بعد إفسادها من قبل الطغاة، وقد نختلف في تأييدنا لمشروع نهضة إسلامي من جماعة إسلامية إلى أخرى أو من مفكر إسلامي إلى آخر ولكننا جميعاً نتفق على رغبة الشعوب في عودة الشريعة الإسلامية على أرض الواقع لا "مادة دستورية" مهملة في أغلب دساتير الدول "الإسلامية".. ولهذا فنحن بصدد عودة التيار الإسلامي إلى الظهور بقوّة.. بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل.. كما نبأنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى تكون خلافة إسلامية على نهج السلف الصالح.. وستعلو صيحات "المسلمون قادمون".. لا في العالم العربي والإسلامي وحده وإنما في العالم بأسره بإذن الله تعالى.