20 سبتمبر 2025

تسجيل

من قطر إلى العالم... مرحباً

16 يوليو 2018

مناسبة أرادتها القيادة القطرية احتفالاً واحتفاءً بالعرب اليوم بات لزاماً أن يكون هناك توافق مجتمعي لإنجاح هذه التجربة خبرات كبيرة سيكتسبها العاملون في إطار التجهيزات والتنفيذ يجب أن تستثمر بعد ذلك عبر توظيفها في مختلف القطاعات أعود اليوم إلى موطني الصحفي الأول حيث نشرت أولى مقالاتي قبل عقد من الزمان، على صفحات الشرق انسابت كلماتي الأولى واليوم تعود تلك الكلمات لمبتداها بعد أكثر من عقد من التجوال في الصحافة القطرية، أتوق إلى أن تكون هذه تجربة جديدة ليس من حيث الصحيفة فحسب بل حتى الروح التي تسري في المقال وللقارئ الكريم بعد شيء من الزمن الحكم النهائي، ترافق هذا المقال مع حدث يمثل العقدة، حسب التعبير الأدبي، في رواية قطرية بامتياز حيث تسلم حضرة صاحب السمو راية المونديال ليبدأ العد التنازلي وتزداد الأضواء المسلطة على قطر سطوعاً بانتظار مناسبة أرادتها القيادة القطرية احتفالاً واحتفاءً بالعرب وأرادها الخصوم غير ذلك، استضافة قطر لكأس العالم أثارت بلا شك مشاعر مختلطة ومواقف متنوعة عبر العالم، بين من اعتبرها إنجازاً يتوج الحراك القطري عالمياً ويثبت قدرة قطر على وضع بصمتها دولياً ومن اعتبرها "تحدياً" قطرياً لهيمنته الإقليمية أو مكانته العالمية، أولئك انطلقوا في حملات مختلفة يحاولون إما إيقاف الاستضافة القطرية أو تشويه سمعة قطر أمام العالم، يوم أمس كان بمثابة إعلان صريح بفشل كل تلك المحاولات، قطر اليوم تقول بوضوح، مرحباً بالعالم. هنا في قطر كان للمونديال أثره في إثارة نقاش مجتمعي حي حول الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية لاستضافة قطر نهائيات كأس العالم، ومع اقتراب الموعد وتحول القراءات النظرية إلى واقع عملي ملموس بات من الأهمية بمكان تعزيز ذلك الحوار المجتمعي بشفافية عالية وخطوط اتصال مفتوحة فكل من يعيش على هذه الأرض هو شريك في هذه التجربة، جميعنا عشنا لحظات الإعلان بداية هذا العقد وتجادلنا حينها ومازلنا نتجادل حول ما يجب أن يعنيه هذا المونديال لقطر قبل أثره خارجها، اليوم بات لزاماً أن يكون هناك توافق مجتمعي لإنجاح هذه التجربة ليس على الصعيد الدولي فحسب بل إنجاحها باعتبارها رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في قطر، اليوم نحن أمام واقع يجب علينا استثماره بأمثل الطرق بغض النظر عن نقاشات الأمس وجدالاته. في قطر نموذج للتنمية ليس خاصاً بها ولكنه متركز فيها، خطوات التنمية الكبرى ترتبط عادة بحافز، هذا الحافز في معظم الأحيان يأخذ شكل فعالية دولية أو إقليمية تستضيفها قطر، بعض المعالم الكبرى في بلادنا هي نتاج الإعداد لاستضافة قمم سياسية، وكلنا يذكر كيف تحولت البلاد لساحة إنشاءات ضخمة استعداداً للألعاب الآسيوية عام 2006 واليوم البلاد خلية نحل ضخمة في إطار التجهيزات لعام 2022، ومع هذه التنمية العمرانية تترافق تنمية اجتماعية غابت أحياناً عن المشهد وبرزت أحياناً أخرى، الفرصة اليوم أمامنا في اتجاهين، التعرف على الإيجابي اجتماعياً في هذه التجربة واستثماره وتوفير ما يكفي من الضمانات لتجنب السلبي، أما على المستوى الإيجابي فلا توجد فرص لتنمية الموارد البشرية مثل هذه الفرص، خبرات كبيرة سيكتسبها العاملون في إطار التجهيزات والتنفيذ يجب أن تستثمر بعد ذلك عبر توظيفها في مختلف القطاعات، كما أن الكثير من الدول التي استضافت مثل هذه الفعاليات سابقاً استفادت منها في تطوير بنيتها التشريعية والمشاركة الشعبية والرقابة الحقوقية فيها لما يرتبط بالحدث من مراقبة دولية إعلامية وحقوقية ويتضح ذلك اليوم مع تطوير التشريعات العمالية وغيرها في قطر، وترافق هذه التجربة مع الحديث حول أول انتخابات تشريعية في قطر سيكون فرصة تاريخية لإشهار قطر الجديدة مع استضافة المونديال. سلبياً لا شك أن الأعداد الكبيرة من المشجعين الذين سيقدمون إلى البلاد خلال فترة كأس العالم ستشكل تحدياً أمام مجتمع صغير محافظ كقطر، ولكن، وإن كان قياساً مع الفارق، نستذكر هنا تجربة إيجابية قادتها بعض مؤسسات المجتمع المدني القطرية خلال الألعاب الآسيوية حين أطلقت حملة استهدفت الوفود والمشجعين لتعريفهم بالثقافة القطرية والدين الإسلامي ولاقت حينها اهتماماً واسعاً من زوار البلاد، هنا يكون دور المجتمع الحقيقي ليس في المنع والتصدي فحسب بل بالفعل العكسي عبر تسويق منظومتنا الثقافية والقيمية لتكون حاضرة بوضوح وبعداً رسالياً للإرث الذي يراد لهذه الاستضافة أن تخلفه. خارج النص كل تجربة نخوضها كمجتمع لها ما لها وعليها ما عليها وبيدنا نحن أن نقرر كيف نتعامل معها، إما كحافز للتنمية وخطوة للأمام أو كعائق أمام التطور وانكفاء على الذات، ومرحباً بالعالم أجمع فنحن هنا.