17 سبتمبر 2025

تسجيل

العافية في الجليس والصاحب

16 يوليو 2015

يقول رسول الله : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . رواه أحمد والمعنى أن الإنسان يتأثر تأثراً مباشراً بجليسه ورفيقه سلباً أو إيجاباً ، سواء كان كبيراً أو صغيراً فلينتبه من أراد الفلاح والنجاح والرفعة والسمعة الطيبة ، فليرافق ويجالس من تنفعه مجالستهم دينياً وأخلاقياً وعقيدة وثقافة وفكراً . وليحذر ممن تضره مجالستهم في دينه وعقيدته وفكره وأخلاقه . وقد قالوا : الصاحب ساحب إما إلى الجنة أو إلى النار . وقد بيَّنَ رسول الله مدى تأثير الجليس على جليسه إذا كان صالحاً أو كان سيئاً . فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة ) متفقٌ عليه. الجليس الذي يجالس الرجل غالباً ، وهو الصاحب الدائم والرفيق المرافق في أكثر الأحيان . حامل المسك : بائع الطيب ، يُحذيك : يعطيك، تبتاع منه : أي تشتري من بضاعته ، نافخ الكير : الذي عنده جهاز إحماء النار ١ - العافية في الجليس : أن يكون صالحا صلاح الدين والدنيا يذكِّر صاحبه بتقوى الله وطاعته والبر والصلة والتسامح والمغفرة ، والمستقيم من الأمور والمروءات والشيم والرفعة والسمعة الطيبة ، ويحذره من الاعوجاج واتباع الشيطان وما يطعن في دين المرء ومروءته ويؤثر على سمعته ويحذره من المزالق وهابط القول والعمل . يغفر زلاتك ويرحمك ويسترك ويؤمنك ويدافع عنك وينصرك ظالماً أو مظلوماً . فكره مستقيم وبصيرته وضاءةٌ ونفسه رفيعة ٢ - العافية في الجليس: ألا يستعجل في اعتماد الجليس جليساً له حتى يخبره ويسبره في الحلوة والمُرَّة والدرهم والدينار والسفر والحضر والأمانة على الأسرار وكتمان ما لا ينبغي نشره ومراعاة صاحبه وظروفه . يقول رسول الله ( المستشار مؤتمن ) وألا يكون المرء إمعة مع جليسه إمعة لا رأي له . فقد يشير بشيء غير صحيح . عن حُذَيْفَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَكُونُوا إِمّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النّاسُ أَحْسَنّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا». هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نَعْرِفُه إِلا من هذا الْوَجْهِ. ومعناه : المقلد الذي يجعل دينه تابعاً لدين غيره بلا رؤية ولا تحصيل برهان . وهو الرجل الذي يكون لضعف رأيه مع كل واحد . ٣ - العافية في الجليس: أن تحرص على مجالسة الصالحين وأهل الصلاح لفضل مرافقتهم والنتائج الطيبة العائدة من مجالستهم . كما في قوله عليه الصلاة والسلام ( فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ) .٣ - العافية في الجليس: أن يسلمك الله من جليس السوء ورفيق الهدم والخراب . ويجنبك مجالستهم وذلك للعواقب الوخيمة من مرافقتهم هذا رفيق رافق رفيقاً له وجالسه وكان كافراً يوسوس له بالشر والكفر . لكن الله تعالى حمى عبده المجالس فلم يطعه ولم يستجب لأفكاره الكفرية الملوثة يقول له ( أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أننا لمدينون ) مؤاخذون . فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ كم من جليس ألقى بجليسه في السجن وكم من جليس باع جليسه بثمن بخس دراهم معدودة فأفسده وهدم أخلاقه وأفقره وشوَّه سمعته وأساء إلى جده الرابع . ٤ - العافية في الجليس : أن تبحث عن الجليس النافع المفيد وليس شرطاً أن يكون شخصاً ، فقد قالوا : ( وخير جليس في الزمان كتاب ) . فقد يكون الجليس لك كتابَ علم نافع أو من الإعلام المفيد النافع أو القريب والرحم الودود ٥ - العافية في الجليس : أن يكون الوقت معه مستثمراً فيما يرضي الله تعالى وعائداً بالنفع عليهما . ابتداء من أداء ما افترض الله مروا بمذاكرة ما ينفع وصولا إلى مشاريع الخير والتجارة والسعي في الأرض