14 سبتمبر 2025
تسجيلإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره فكان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر والقراءة والصلاة والاستعداد لذلك بالطاعة وغيرها وفي الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيى ليله وأيقظ أهله، ألم يأن أن يحي المسلم العشر بقلبه ولسانه وجوارحه ويبدأ البعض بتعويد نفسه في هذا الشهر على الصلاة والصوم ويستمر عليه ولكن بعد انتهاء الشهر ينهي عبادته وتفتر لديه الرغبة للطاعة لذلك نرى المساجد تمتلئ ببداية الشهر وفي النهاية يهملون صلاتهم ويقصرون والسبب نهاية شهر عظيم مبارك فينشغلون عن ربهم ويبتعدون عنه لأجل الدنيا ومشاغلها، ويبدأ المسلمون يستهلون ليالي العيد بالخير والسرور،فهكذا تمر الأيام وتنقضي الليالي وقد أذن الله لرمضان بالرحيل،فقد ربح فيه المسلم الذي أدرك سرائر الصيام فخرج من هذا الشهر وقد غفر الله له ذنوبه مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه) رواه الجماعة.فإن ما رأيناه في رمضان ليثلج الصدور ويفرح القلوب مساجد ممتلئة بالمصلين والذاكرين لله تعالى والقارئين لآيات القرآن الكريم،قلوب عمرت بالإيمان فتقربت إلى الواحد الديان ترجو رحمته وتخشى عذابه وألتهجت الألسن بالدعاء والرجاء، وامتدت الأيدي بالأنفاق والإحسان الكل يطمع في مغفرة الذنوب وتفريج الكروب شيء مفرح أن يتعرض المسلم لنفحات الله تعالى لعل أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبد،،ولكن إنه لمن المؤسف والمؤلم أن تهجر المساجد بعد رمضان وتنسى آيات الله وتبخل الأيدي بالأنفاق،وكأن العبادة اقتصرت على رمضان فقط ألم يكن رب رمضان هو رب غير رمضان؟ بلى إن رب رمضان هو رب الشهور كلها وإن كان رمضان انتهى فإن الله باقي لاينته وإنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ففي ظلال هذه الهداية ينضر العيش وتطيب الحياة ويهنأ الأحياء وأولى الخطوات نحو هذه الحياة الراشدة الهنيئة إيجاد الفرد المسلم الصادق الذي تتمثل فيه صورة الإسلام المضيئة المشرقة يراها الناس فيرون الإسلام ويتعاملون معها فيزدادون إيمانا به وإقبالا عليه، ومن هنا يزن أعماله بميزان مرضاة الله عز وجل فما رجحت به كفة هذا الميزان قبله وارتضاه وما شلت به الكفة أعرض عنه وجفاه وبذلك تستقيم مقاييس المسلم وتتضح أمام عينيه معالم الطريق المستقيم والسبيل القويم، فلا يقع في متناقضات مضحكة سخيفة كأن تراه يطيع الله في أمر ويعصيه في آخر أو يحل الشيء عاما ويحرمه عاما وإذ لا مجال للتناقص ما دامت المنطلقات صحيحة والمنهج بينا والمقاييس ثابتة.يطل علينا بعد عدة أيام عيد الفطر ونحن على مشارف استقبالنا لعيد الفطر ونهاية الشهر الفضيل حيث نلمس مظاهر البهجة تعم البيوت والشوارع، ومهما كانت المبالغة في استقبال عيد الفطر لدى البعض إلا ان سمة الحب والتسامح تبقى هي الهدف الاسمي، لأن شهر رمضان يعتبر مرحلة جديدة في حياة الناس فان استقبال عيد الفطر هو تتويج لما قام به هؤلاء من مبادرات وسلوكيات سمحة لكيفية استقبال عيد الفطر ولكن نتمنى ان يكون الهدف واحد ألا وهو بداية مرحلة جديدة خالية من الأخطاء والسلبيات، وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجبلة طبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات يحتفلون فيها ويتجمعون ويظهرون الفرح والسرور فهذه أعياد نسك جاءت بعد العبادة وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا )متفق عليه، كما ظهر جليا اختصاص المسلمين بهذين العيدين وهما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها، لذا لا يستطيع المسلم إلا أن يكون صاحب رسالة في هذه الحياة هي أن يكون الحكم لله وحده في شتى شؤون الحياة، لا يكمل إسلامه إلا بحملها ولا تتحقق عبادته لربه إلا بالعمل الجاد الدائب المخلص على تحقيقها في واقع الحياة، وهذه الرسالة هي التي تعطي للمسلم هوية الانتساب الصحيح للإسلام وهي وحدها التي تدخله في زمرة المسلمين المجاهدين الصادقين، فلا يفرط في طاعة الله تعالى بالامتثال لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه لأن المسلم لابد وأن يدرك أن أفضل الأعمال أدومها وإن قل.