31 أكتوبر 2025
تسجيللقد وصف الله العابدين له بأنهم قليلًا ما ينامون وبالأسحار هم يستغفرون، فمَنْ مِنَّا لا يُذنب؟! فكلنا بشر، وهذا الذنب لا بد أن تعقبه بالطهارة الدائمة وهذا يتأتى بالاستغفار الدائم، حتى مَن يُحسِن عبادة الله يستغفر اللهَ على تقصيره، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان مُستغفرًا لربه آناء الليل وأطراف النهار، حتى إنه لَيَستغفر اللهَ في اليوم الواحد مئة مرة.سُئل الشيخ الشنقيطي: بماذا تنصحنا لاستقبال مواسم الطاعات؟فقال: خير ما يُستقبل به مواسم الطاعات "كثرة الاستغفار" لأن ذنوب العبد تحرمه التوفيق.. وما ألزم عبدٌ قلبَه الاستغفارَ.. إلا زكى، وإن كان ضعيفًا قوي، وإن كان مريضًا شُفِي. والاستغفار.. هو الأمان الباقي لنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول ابن كثير رحمه الله: "ومَن اتصف بهذه الصفة - أي: صفة الاستغفار.. يسّر الله عليه رزقه، وسهَّل عليه أمرَه، وحفظ عليه شأنَه وقُوَّته.وتأملوا هذه العبارة: عندما قالها عمر بن الخطاب: لو نزلت صاعقة من السماء ما أصابت "مستغفرًا".فالاستغفار مسلك الأبرار، والساهرين بالأسحار، وتوبة المذنبين بالليل والنهار. والاستغفار عبادة اللسان، التي تنشر الاطمئنان في قلب كل إنسان، وهو توبة واعتذار لخالقه، ونجاة من حرِّ النار، وفيه صلاح الأهل والمال. فالاستغفار سم الشيطان، وترياق الإنسان، وطرد للنسيان. والاستغفار يُعوِّد الإنسان على التعلق بالله، ويعيد النور للوجوه العابسة، ويُخلِّص البال من شغله، والفكر من همِّه.قصة عن فضل الاستغفاركان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يبيت ليلتَه في المسجد في بلد سافر إليها لا يعرفه أهلها، ولكن منعه الحارس. حاول معه الإمام ولكن لا جدوى، فقال له الإمام: سأنام موضع قدميَّ، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه، فقام حارس المسجد بجرِّه لإبعاده من مكان المسجد، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخًا وقورًا تبدو عليه ملامح الكِبَر، فلما رآه خباز يُجرُّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيتَ، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز، فأكرمه وأحسن إليه، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز، ولما سمع الإمام أحمد، الخباز يداوم على الاستغفار، عجب له. فلما أصبحا سأله الإمام عن استغفاره في الليل، فأجابه الخباز: أنه دائم الاستغفار، فسأله الإمام أحمد: وهل وجدت لاستغفارك ثمرة؟فقال الخباز: نعم، والله ما دعوت دعوةً إلا أُجيبت، إلا دعوة واحدة.فقال الإمام أحمد: وما هي؟فقال الخباز: رؤية الإمام أحمد بن حنبل.فقال الإمام أحمد: أنا أحمد بن حنبل، والله إني جُررت إليك جرًّا.فإن كثرة الاستغفار تجعلك مستجابَ الدعوة، وما أحوجنا هذه الأيام لاستجابة دعواتنا، فاستغفروا ربكم يُجِبْ دعواكم ويبارك في أرزاقكم ويمنحكم سعادة ورضا لا ينتهي.